حياة الدراويش

نشترك في الحياة معا ونتعاون معا ونعيشها جماعيا لا فرادا، يقاسمنا الوجع صديق،  ويتحملنا حبيب، ويسهر معنا القريب والغريب، نعتني بغيرنا أحيانا أكثر من عنايتنا لأنفسنا، ندلل غيرنا أحيانا أكثر من دلالنا لأنفسنا لأننا نعيش معا.
حين ننكسر ييسر الله لنا من يساعدنا باعادة البناء، نكتشف أصحابا لم نكن نعرف قدرهم من قبل، ننتصر بقوة الإرادة النابعة من الذات والتي يعززها من حولنا من الأوفياء.
حين ننهزم نقع بين خيارين إما الثقة بأنفسنا ومن تبقى من حولنا لننطلق من جديد أو ننعزل لنفشل ونضيع كل فرصة تغيير، نرى قيمتنا في أعين الأبناء والاخوان والأصحاب والأحباب والجيران والمجتمع، وحين نفقد شيء من قيمتنا نعود لكل ما حولنا ليعزز فينا القيم التي نمتلكها.
نحمل هم الدنيا وتصاريف الأحداث ونحن مؤمنين بأن رزقنا على الله وهذا لا يتعارض، لأن هم المستقبل يحرك همتنا، والتوكل لا يعني التواكل، نكره الأناني ولذلك نحمل هم رضا الله وهموم من حولك فنعيش حياة الناصح الأمين والأخ الحبيب والأخت الكريمة ونعاون والله يعين الجميع.
نحزن ونفرح، ولا يرحل الحزن بحركة ولا عبادة وإنما يرحل حين نساعد المحتاج وحين نعمل بوصية الجار ونقف مع القريب والغريب سبحن الله جعل من التواصل والتراحم والتعاون والتكافل وسيلة للراحة والسلام وجلاء الهم والحزن.
لن ينسى الله خيرا قدمته وهما فرجته وعينا كادت أن تبكي فأسعدتها ولن ينسى الله ظلمك صغر أم كبر، ولا كذبك صغر أم كبر، فاستغفر الله فمهما قدمت من خير لنفسك ولمن حولك تبقى عبد الله الذي لن ينجو إلا برحمته ولن تتخطى كونك عبد خطاء إلى حالة الملائكية التي يزينها الشيطان للبعض بحسن صنائعهم فينسوا تعديهم وظلمهم.
كن محسنا حتى وإن لم تلق حسنا، ولا تنسى أن الله أعطاك حق المقاومة والاقتصاص، فان اعتدى عليك أحد فاقتص منه بنص القران، وتذكر أن تنازلك عن حقك بحالة عدم قدرتك الحصول عليه هو ضعف وانهزام فلا تصور لنفسك القوة في حالة الضعف ولا تنسى أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
أرخي يدك بالعطاء ولا تكن ساذجا فوالله قضاء الدين أولى من صدقة الريال، وإتمام الفريضة خير من فعل السنة، والالتزام خير من المماطلة والظلم أكبر ما تجني به على سعادتك وراحتك في الدنيا والاخرة وإن من الظلم السكوت عن الحق والكيل بمكيالين.
عش حياتك وفق المبادئ كلها لا تنتقي ما يعجبك وتترك ما لا يعجبك فتصبح درويشا بامتياز.

أشرف غريب 18 مايو 2018