الاتجاه نحو الشمال

من المهم أن نضع أهداف لحياتنا في جميع الأدوار والمهام التي نقوم بعملها يوميا، لكننا في الوقت ذاته نحتاج إلى إدراك ذواتنا ومعرفة قدراتنا وما يحيط بنا في مجتمع مزدحم يشوبه الضجيج والسرعة والتراكم، نحن بحاجة لأن نتعلم كيف ننجز الأشياء بطريقة صحيحة ولكن الأهم هو تعلم ما هي الأشياء التي ينبغي إنجازها أصلا.

إننا نسعى كبشر دائما لتطوير قدراتنا في إنجاز مهامنا اليومية، ونكرس كل التقنيات والأدوات التي إكتشفها السابقون لإستخدامها في إدارة الوقت، وتنظيم الأعمال والحصول على أفضل النتائج في إحراز التقدم يوماً بعد يوم، ولكننا نشعر مع ذلك بالإحباط عندما لا نتمكن من تحقيق بعض الأهداف، أو نشعر ببطئ التقدم الذي نحققه.

إن معرفة الذات من أولى الأولويات في حياة الإنسان، والناجحون أكثر معرفة بخصائصهم الذاتية وقدراتهم الشخصية، كل شيء هباك الله به يسمى امكانات وأفضل ما يحقق عائد استثمار على الإطلاق هو الاستثمار في الموارد البشرية، والإنسان الذي يسعى للاستثمار في معرفة ذاته وتطويرها، يستطيع تحقيق الكثير في أقصر وقت متاح. فمن لم يعرف انجازاته ولم يحدد رغباته ويستثمر امكانياته، فإنه لا يعرف كيف يتعامل مع ذاته

تعد مرحلة اكتشاف الذات مرحلة من أهم مراحل الحياة، لأنها ترسم المسار الذي تسير عليه في حياتك، ويساعدك اكتشافك لذاتك على تطوير قدراتك لتجاوز المعوقات المعنوية، واكتشاف مهاراتك المادية التي يمكنك استثمارها وتحقيق أكبر المكاسب، في مرحلة اكتشاف الذات أنت بحاجة للتوقف والإجابة على أسئلة لتعرف ذاتك ، كلما استطعت اكتشاف ذاتك مبكراً كلما زادت فرصك كشخص ناجح .

في كتابه لا تحزن، كتب الدكتور عائض القرني، كلمات جميلة تكتب بماء الذهب:
"لا تتقمص شخصية غيرك ولا تذُب في الآخرين. إن هذا هو العذاب الدائم، وكثيرٌ هم الذين ينسون أنفسهم وأصواتِهم وحركاتِهم، وكلامَهم، ومواهبهم، وظروفهم، لينصْهرُوا في شخصيِّات الآخرين، فإذا التكلّفُ والصَّلفُ، والاحتراقُ، والإعدامُ للكيان وللذَّات.
من آدم إلى آخر الخليقة لم يتفق اثنانِ في صورةٍ واحدةٍ، فلماذا يتفقون في المواهبِ والأخلاق.
أنت شيءٌ آخرُ لم يسبق لك في التاريخِ مثيلٌ ولن يأتي مثُلك في الدنيا شبيه.
أنت مختلف تماماً عن زيد وعمرو فلا تحشرْ نفسك في سرداب التقليد والمحاكاة والذوبان.
انطلق على هيئتك وسجيَّتك {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ}، {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} عشْ كما خلقت لا تغير صوتك، لا تبدل نبرتك، لا تخالف مشيتك، هذب نفسك بالوحي، ولكن لا تلغِ وجودك وتقتل استقلالك.
أنت لك طعم خاص ولون خاص ونريدك أنت بلونك هذا وطعمك هذا؛ لأنك خلقت هكذا وعرفناك هكذا «لا يكن أحدكم إمَّعة».

إنَّ الناس في طبائعهمْ أشبهُ بعالمِ الأشجارِ: حلوٌ وحامضٌ، وطويلٌ وقصيرٌ، وهكذا فليكونوا. فإن كنت كالموزِ فلا تتحولْ إلى سفرجل؛ لأن جمالك وقيمتك أن تكون موزاً، إن اختلاف ألوانِنا وألسنتِنا ومواهبِنا وقدراتِنا آيةٌ منْ آياتِ الباري فلا تجحد آياته"

تحكي أسطورة هندية قديمة أن رجلا طيبا وجد بيضة نسر في الخلاء و قد سقطت بعيدا عن عشها الأصلي فأخذها و وضعها في عش إحدى دجاجات مزرعته فمرت الأيام و فقس البيض فرأى النسر الصغير النور وسط مجموعة من كتاكيت المزرعة فعاش بينهم و كبر وسطهم.

طيلة حياته مكث النسر وسط الدجاج يبحث عن الديدان في التراب نهارا و يأوي إلى الخم ليلا، حتى الأصوات التي صار يصدرها لا تختلف كثيرا عن قوقأة الدجاج، و عندما كان يحاول الطيران، لا يطير أبعد من بعض أمتار مثله مثل أي دجاجة في المزرعة.

فمرت السنين فكبر النسر الصغير وفي احد الأيام و هو ينبش التراب برجله في ساحة قن الدجاج رأى طائرا جميلا يحلق بطريقة رائعة في الأعلى في السماء الصافية، يرتفع و ينخفض في الأجواء بمهارة عالية، فتساءل النسر ياله من طائر فخم و ساطع ليتني أستطيع التحليق مثله لكنه قوبل بضحكات الاستهزاء من الدجاج، انه النسر ملك الطيور، قوقأت دجاجة كانت بجنبه أما أنت فلا تعدو كونك دجاجة مزرعة فلا تحلم كثيرا فلن تكون يوما نسرا مثله.

هكذا توقف حلم نسرنا عن التحليق في الأعلى و قضى حياته و هو يعتقد انه دجاجة مزرعة و مات و هو يعتقد في ذلك.

لذا فاسع أن تصقل نفسك، وأن ترفع من احترامك ونظرتك لذاتك فهي السبيل لنجاحك

صورة جبل الجليد 


20% تمثل السلوك الخارجي الظاهر للناس

80 % تمثل القيم والمبادئ والأخلاق التي تكونت خلال مراحل الحياة

الناس لا يشاهدون إلا السلوك الظاهري لكن إذا رغبت بالنجاح فعليك أن تركز على بناء نفسك من الداخل لتحرك الدوافع نحو السلوك الإيجابي الذي يساعدك في تحقيق الأهداف


كيف تحرك الدوافع نحو السلوك الإيجابي؟
  • أنصت لصوتك الداخلي الذي يدعوك في كثير من الأحيان لعمل الشي الصواب أو ترك الشيء الخطأ .
  • لا تتذمر وترمي باللوم على الظروف أو الأشخاص الذين حولك أوحتى تربيتك وتحمل مسؤلية قراراك تجاه التغيير .
  •  تعامل مع نقد الآخرين بحكمة و حوّلها لفرص للتحسين قال صلى الله عليه وسلم ( الحكمة ضالة المؤمن يأخذها أنّي وجدها ) 
  • حدد أهدافاً واضحة وكبيرة وطموحة ستكتشف بعدها أن كثيراً من الأشياء الصغيرة لا تستحق الاهتمام ( لا تهتم بصغائر الأمور فكل الأمور صغائر) 
  •  تعامل مع كل خطأ بإيجابية و كوّن علاقات مع الأشخاص الإيجابيين .
  • اترك التسويف و حدد أهدافاً طموحة يمكن تحقيقها .
  • اعرف مميزاتك و نقاط قوتك و تعامل معها باحترام وتقدير مالم تنجح فلن تستطيع أن تجعل الآخرين يحترمونها .
  • انظر إلى نفسك وكأنك شخص آخر وراقب تصرفاتك ستكتشف مميزات وعيوب قوّي مميزاتك و عالج عيوبك .
  • لا تقارن نفسك بالآخرين وثق بنفسك وقدراتك ولا تنتظر الشكر من أحد فأنت نسيج خاص ونسخة لن تتكرر ، فبمجرد المقارنة أنت تبتعد عن معرفة حقيقة من أنت ؟
  • ابتسم لنفسك قبل أن تبتسم للآخرين وأفضل طريقة لذلك هي أن تطالع نفسك مرة يومياً في المرآة وتبتسم .
أشرف بن محمد غريب
2 أكتوبر، 2014

تعليقات