الصداقة كنز لا يفنى

{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} القران الكريم – سورة العصر

يقول المثل: الصديق وقت الضيق، والصداقة علاقة عرفت منذ الأزل، عرفت بين الإنسان والانسان وعرفت بين الانسان والحيوان وبين الانسان والطبيعة وغير ذلك بل صنفت بأدق من ذلك فهي بين الرجل والرجل وبين المرأة والمرأة وبين الرجل والمرأة فالمرأة يقال عنها صاحبة الرجل أي زوجته و صديقته وخليلته {وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ(36)} القران الكريم - سورة عبس. وورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال [لا تسبوا أصحابي] أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

ولكن إختلاف المفاهيم مشكلة المشاكل فمتى كان المفهوم واضح بين الأطراف المتنازعة في أي حال من الأحوال مفهوم مشترك متفق عليه فإنك لن تجد هذا النزاع قائماً أصلاً والصلح عادة يكون لتقريب وجهات النظر وتوحيد المفاهيم وتوضيح واجبات كل طرف تجاه الآخر. فأنا أرى أن صاحبي هو من يقومني إذا أخطأت ويجدني إذا إحتاجني ومن يدافع عني في السر والعلن كما أفكر فيه عندما لا أراه ولكن هذا المفهوم لا شك أنه ليس قاعدة فالبعض يرى أن الصديق هو الذي لا يخطئ بحق صديقه وتجد غير ذلك ولكن لا إختلاف في أنه لو عرف كل شخص واجباته تجاه الآخر وإتفقا عليها فانها ستقوم علاقة وطيدة لا تهتز ولا تنكسر.

وإن من أعظم مقومات العلاقة بين الناس بعضهم بعض هي الإحترام وعدم الغيبة وسماع الطرف للطرف الآخر قبل إصدار الأحكام عليه وتقويم الخطأ والإعتذار عند الخطأ ونسيان مافات إذا تصافت القلوب وتصافحت الأيدي وتعانقت الرقاب بل إن من أعظم مقومات العلاقة بين الناس أن يحب كل واحد للآخر مايحبه لنفسه وأن نلتمس الأعذار للآخرين ونتفاهم بهدوء ولغرض المفاهمة وليس للجدل وأن نصبر على عثرات الآخرين كما صبروا علينا وأن نصبر بعضنا بعضا عند المحن والكربات والمصائب.

فكيف بمن كان صاحبا وكيف بمن تحب وكيف بمن تأمن عليه مالك وأهلك وكيف بمن تعترف له بالجميل لكثير من المعروف الذي صنع لك أو بمن يحبك ومن يعترف لك بالجميل وكيف بالأب والأم وكيف بالأخ والأخت ونزولا نزولا الى إبن إبن خال الأم وبنت إبن العم والأقربون الأقربون بل وكيف بمن إجتمع لك فيه قرابة وصداقة وعشرة ومعروف، أكيد سيكون واجباتك عليه وواجباته عليك أكثر وأعظم وستكون درجة السماح عندك أعلى ممن عرفته من عام أو من عامين وسيكون له مكانا شئت أم أبيت في قلبك أكبر وأعظم على الأقل لأنه يمثل فترة زمنية أكبر في حياتك.

لي صديق عرفته منذ عشرة أعوام لا أزال أرتاح له إذا سمعت صوته ولا أزال أسعد بلقاه وأفرح لفرحه وأحزن لحزنه وأدعو له وأكرمه بحضرته وبغيابه فمالك هل نسيت كم فرحنا وحزنا؟ كم إجتمعنا وتفرقنا؟ كم صدِقْنا وصدَّقْنا؟ ومالك لا تريد صديقا كمن لا زال يراك صديقا فهل تسأل كيف تبنى العلاقات بهذا الشكل. أم كيف لا أزال أسأل الله أن يرحم من مات منهم؟. أكيد أننا إختلفنا وتراضينا، غضبنا وتصافحنا، أخطأنا في حق بعضنا البعض ونسينا وأكثر من ذلك ولكننا رغم ذلك نستمر بعلاقة حميمية.

عشت خمس وعشرون عاماً ما وجدت أجمل ولا أقوى ولا أفضل من محبة الناس لله في الله ولم أجد أثمر ولا أنجح ولا أجدى من الاحترام المتبادل بين الناس ولم أشعر بأتقى ولا أنقى ولا آمن من التواصي بالصبر بين الناس ولم أستمتع بأكثر ولا أبرك ولا أثمن من عمل الصالحات {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} القران الكريم – سورة العصر


أشرف بن محمد غريب

29 ديسمبر 2001م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحاسة الثامنة

من كسر بيضة الديك؟

سر نجاح اكبر 100 شركة سعودية