المرأة القيادية

كتب هذا المقال في رد على إحدى المقالات التي نشرت في العدد الثالث لمجلة الابداع.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ... أمابعد

     أبدأ أولاً بالثناء على الإخوة القائمين على مجلة إبداع لما يقدمونه من نهج جديد لتطوير شباب هذه الأمة بإذن الله تعالى ولكن هذا العمل الرائع قد شابه ماشابه عندما طرح في العدد الثالث للمجلة مقالاً بعنوان "المرأة القيادية" في الصفحات 26 و 27 وذلك لما إحتواه المقال من مخالفات شرعية لاينبغي أن تقع فيها مثل هذه المجلة، فقد لفت إنتباهي بعض الإخوة جزاهم الله خيراً لهذا الأمر فما لبثت حتى قرأت المقال ورددت عليه في مقالي هذا، فالحق أحق أن يتبع.

وتبقى وجهة نظري معلقة برأي شخصي، نابع من فهمي وإدراكي، وتبقى الأمور معلقة بالإثبات والبراهين، فالحق أحق أن يتبع، فمن وجد رداً على ما أقول، فحري به الرد، ومشكوراً إن سعى لإعلامي، حتى أقف على جادة الصواب ما أستطيع.

     يقول الكاتب بعد مقدمته الرائعة "وتعتبر المعوقات الإجتماعية أبرز المعوقات في طريق تقدم المرأة ووصولها لحقوقها" إلى أن قال "وتنقسم المعوقات الإجتماعية إلى معوقات تتعلق بالأعراف والتقاليد، ومعوقات ترتبط بالتربية والتنشئة" وإستمر الى أن قال "وتمنع الأعراف والتقاليد المرأة من العمل في مهن معينة أو دخول مواقع عمل معينة. كما تمنع العادات والتقاليد المرأة من السفر وحدها مما يحرمها من فرصة التعلم في الخارج أو حضور المرتمرات والدورات المتخصصة التي قد تساعدها في اكتساب معارف وخبرات تساعدها في التقدم في مجال عملها."

من المعروف يا أخي أن الدين الإسلامي الحنيف هو الذي يمنع ذلك، فقد منعت المرأة حتى من تأدية ركن الحج الذي هو أحد اركان الإسلام الخمسة بدون محرم، فكيف تأتي وتقول هنا "كما تمنع العادات والتقاليد المرأة من السفر وحدها"؟ عن إبن عباس رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم فقال رجل يا رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وإمرأتي تريد الحج فقال اخرج معها" رواه البخاري.

في موضوع سفر المرأة بدون محرم وخلوة المرأة بدون محرم أحاديث كثيرة، ثم يتابع المقال حتى قال "،تمنع أغلبية الرجال من قبول ترؤس المرأة لهم في العمل حتى لو كان لديها الخبرة والكفاءة، وهذا بدوره يحد من إمكانية الترقي والتقدم للمرأة" وأقول قال تعالى ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ )) الآية 34 سورة النساء وفيما صح عن أبي بكرة قال: قال: قد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتله معهم ، بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أهل فارس ملكوا عليهم ابنة كسرى فقال : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امراة . رواه البخاري.

العاملين في مجال الإدارة يعلمون حقاً كم يتطلب هذا العمل من السفر والخلو بالموظفين ومتابعة الأمور هنا وهناك فكيف نتجاهل كل هذه الأمور ونطالب بترأس المرأة للرجل في العمل علاوة ما يعنيها من آثار الحمل والوضع والإجازات لذلك، وتابع المقال عن ذكر بعض المفاهيم الخاطئة التي هي فعلا خاطئة في عصرنا هذا وطالب في المقال "مطلوب إنصاف المرأة..!" وهذا مما لاشك فيه أمر مطلوب  ولكن الإستشهادات كانت غير موفقة حيث قال: "وخلط الكثيرين بين العادات والتقاليد من جهة والدين من جهة أخرى." وأظن أنه من هؤلاء الكثيرين!، وتابع مقاله الى أن قال: "كما أن الرجل يرفض أن ترأسه امرأة رغم أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يتاجر بأموال أم المؤمنين خديجة قبل البعثة ويلتزم بما تلزمه به بإعتبارها صاحبة المال والتجارة" وأرى أنه من الواضح أن هذا ليس فيه إستشهاد على ترأس المرأة للرجل بل فيه وجوب حفظ الحقوق لأهلها وأداء الأمانة وعدم الظلم في عمل الرجل بمال زوجته.

     فصحيح أننا فقدنا المرأة القيادية في كثير من بيوتنا اليوم، ومما لاشك فيه أنهاتسهم بإنتاج الجيل المعول عليه النهوض بهذه الأمة بإذن الله تعالى ولكن دون الخلط. فعلى المرأة من الواجبات تجاه تربية هذا الجيل وتنشأته ورعايته ماهو أهم وأولى مماغلا فيه الكثيرين في هذا الزمان فراحت المرأة تفوض الشغالة بأمور المنزل لتقوم بمهامها الوظيفية مع أن الأولى والأوجب أن تقوم بواجباتها المنزلية التي لا تكون في الطبخ والنفخ ولكن في رعاية وتنشأة هذا الجيل.

ومما لاشك فيه أننا بحاجة ماسة الى المرأة المتعلمة والمرأة الطبيبة والمعلمة والإدارية ولكننا لسنا بحاجة الى المرأة المهندسة والطيارة والمقاتلة والسائقة والله أعلم.

ولتكون أفكارنا الإبداعية في الإبداع بإستخدام وسائل التقنية لتفاعل المرأة المسلمة مع المجمتع ولكن دون الخلل بمبادئنا الإسلامية الحنيفة ودون الغلو في إيجاد المرأة الحديدية. هذا ما أراه فما أصبت فمن الله وما أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان. 

أشرف بن محــمد غريب
الرياض 27 أبريل 2003

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحاسة الثامنة

من كسر بيضة الديك؟

سر نجاح اكبر 100 شركة سعودية