سر نجاح اكبر 100 شركة سعودية

لم تعد الشركات الرائدة في المملكة العربية السعودية تعتمد على الاسماء التجارية (الوكالات) التي تعمل بها كمصدر قوة لتسويق خدماتها ومنتجاتها محليا او خارجيا بل أصبحت تطور وتزيد في مجال الاعمال من خلال خبراتها التي جمعت خلال السنوات الطويلة من العمل الدؤوب والتطوير المستمر، واليوم نرى اسماء تجارية عالمية للشركات الوطنية تخرج من دائرة المملكة العربية السعودية وتتعدى دائرة الخليج العربي لتذهب بعيدا عن دائرة العالم العربي الى شتى بقاع العالم، ولقد برزت تجارب عديدة تحكي قصة النجاح لشركات سعودية رائدة في مجال التجارة ارتبط اسمها باسم المملكة العربية السعودية كمناخ لتطوير الاعمال التجارية.

وكما نعرف أن علم النجاح يدرس عادات واعمال الناجحين مع اختلاف انماط شخصياتهم ومن خلاله نستطيع معرفة استراتيجيات النجاح وتفوق ونبوغ الآخرين ومن ثم تطبيقها والاستفادة منها في النجاح الشخصي والمنظمي، ومن تقينات علم النجاح النمذجة والتي تعتني بدراسة نموذج للنجاح ومعرفته وتحليله ومن ثم تطبيق نفس النموذج في بيئة اخرى وتحقيق نتائج النجاح السابقة ولذلك سنتناول في هذا المقال نموذج للنجاح لتحليله والاستفادة منه ومعرفة استراتيجته ليتسنى لنا تطبيقه على المستوى الشخصي فنحظى بنفس نتائج النجاح لذلك النموذج بإذن الله تعالى.

ولان نماذج النجاح كثيرة إلا انني سأعتني بهذا المقال على ذكر احدى التجارب الوطنية الرائدة في مجال الاعمال كنموذج للنجاح نعتمد فيه على فهم استراتيجية النجاح التي اتبعتها تلك الشركة فنستفيد منها ونطبقها كمنوذج ناجح حقيقي فنستطيع تحقيق النجاح من خلاله.

ومن الامثلة الرائدة في مجال الاعمال في المملكة العربية السعودية هي شركة مجموعة العجو للتجارة التي أنشأت على يد مؤسسها الشيخ/ عبدالغني العجو عام 1958م حاصدة في طريقها نحو القمة مجموعة نجاحات موزعة على مجالات متعددة من الاعمال، حيث اسهمت في مجال الصناعة، والمجال الطبي ومجالات متعددة في التجارة منها تجارة الاجهزة المكتبية وتقنية المعلومات وتجارة الاثاث والحلول البنكية والأنظمة الامنية والتجهيزات البحرية والنظم السمعية والبصرية مضافا اليها خبرتها الرائدة في مجال الصيانة والتدريب.

وللقارئ العزيز ان يستفسر عن السر وراء هذا النجاح والسبب خلف هذه الانجازات ومع ايماننا بأن هنالك عقول منيرة ترسم خطا النجاح لمسيرة الشركات الوطنية إلا اننا نؤمن ايضا بأن لكل شئ سبب والسبب خلف هذا النجاح يعود الى استراتيجية ثلاثية اتبعتها شركة مجموعة العجو للتجارة في هذا المجال وهي:

أولا: التخطيط المسبق
كانت ولاتزال شركة مجموعة العجو للتجارة تركز على عملية التخطيط المسبق قبل بدء العام التجاري وما ان تبدأ عجلة العمل بالدوران في بداية العام يبدأ المتخصصون في عمليات المتابعة والتدقيق، وذلك لرقابة سير العمل والتأكد من صلاحية الخطة وتعديلها او تطويرها حسب احتياجات العمل لأن الخطة السليمة هي التي تعمل على تسهيل تطبيق الاعمال وتؤدي الى تحقيق النتائج والاهداف وليس الوقوف اما النظام كعائق لسير العمل وتطور العمليات. فالتخطيط المسبق يرسم خطة النجاح للعام ويبدا المدراء والعاملين في المنظمة بالتكاتف والاتحاد للسير معا نحو الهدف على خطى واثقة واضحة محددة تجعل الكل يعرف اين الطريق الذي يسير اليه دون التشتت وراء الاعمال الهامة والعاجلة التي تأخذ جل الوقت ولا تعود الا بقليل من العوائد على الشركات، وهذا التخطيط يعتمد على الخبرات السابقة للشركة والتي تمثلت في الانظمة الادارية والكوادر البشرية حيث كانت تنموا مع الايام وتزداد مع ازدياد حجم الاعمال. واستراتيجية التخطيط في شركة مجموعة العجو للتجارة لاتختلف كثيرا عن الاستراتيجات العالمية في التخطيط لأنها تستفيد من تلك الخبرات وتدرب موظفيها عليها وتستقطبها ايضا كحلول وانظمة عالمية للتخطيط في العالم.

ثانيا: تطوير تقنية المعلومات
حظيت شركة مجموعة العجو بالتجارة باهتمام مباشر من قبل الشيخ/ عبدالغني العجو وأبناءه بدعم وتطوير الانظمة المعلوماتية وتقنية المعلومات، وذلك لادراكهم المبكر أهمية تطوير هذه الانظمة للحفاظ على الوثائق التجارية والاستفادة من الثروة المعلوماتية ولاعجب ان هنالك ملايين الريالات تنفق سنويا على انظمة المعلومات في شركة مجموعة العجو للتجارة لمواكبة التطور العالمي التقني السريع وتزويد العملاء بأفضل نوع من الخدمات لتمكينهم من الاستفادة الامثل من المنتجات التي تقدمها الشركة. هذه الاستراتيجية لاتتوقف على شركة مجموعة العجو فحسب بل باتت كبرى الشركات العالمية تسير على هذا النهج لما حققت من المكاسب المادية الهائلة من خلال تطوير تقنية الاعمال لديها، فبهذا التطوير تستطيع تقليل الوقت والجهد في اجراء العمليات الادارية التجارية اضافة الى تمكنك من تقليل الموارد البشرية في الاعمال لأن التقنية اليوم امست تحل محل الكوادر البشرية بكثير من المواقع وهي تتفوق على الكوادر البشرية بكونها تخلوا من الاخطاء ولا تظهر عليها سمات الاعياء والتعب من ضغط العمل وزيادة الجهد، وهذا لا يعني اننا نستطيع الاستغناء عن الموارد البشرية لأننا نعرف ان العقل البشري هو الوحيد القادر على التخطيط والادارة والرقابة والتنظيم وهذه هي اساسيات الادارة.

ثالثا: الاستثمار في الموارد البشرية
لم تتوقف شركة مجموعة العجو للتجارة منذ بداية نشأتها في الخمسينات عن دعم الموظفين وتدريبهم لأنها تدرك ان الاستثمار بالموظفين هو الاستثمار ذو العائد الاكبر تجاريا حيث تقدر الشركات الباحثة في هذا المجال بان عائد الاستثمار في الموارد البشرية يقدر ب 1000% وهذا يعني انك تحصل على عشر اضعاف المبالغ التي تنفقها على موظفيك في الشركة من خلال تدريبهم وتطوير ادائهم والعمل على دعمهم ماديا وعلميا، وهذا السبب يبرر النجاحات المتعاقبة التي تحصدها شركة مجموعة العجو للتجارة من خلال هذه الاستراتيجية. فهي تدرك ان تدريب الموظف يمكنه من اداء مهامه بكفاءة اكثر وتزيد من قدرته على الابداع والتأثير في الانظمة الروتينية لابتكار طرق فاعلة في تنفيذ اعماله اليومية، والتدريب ايضا يمكن الموظفين من استثمار اوقاتهم في الاعمال بشكل افضل يمكنهم من انجاز اعمالهم بسرعة بدل العمل لساعات طويلة خارج اوقات العمل الرسمية للتمكن من انجاز الاعمال الروتينية، ومع ان الكثير من المستثمرين لايزالون ينظرون الى الوقت الذي يمضيه الموظف في التدريب وقت ضائع وان التكاليف المادية التي تنفق عليه تحت بند التدريب يمكن انفاقها على الموظفين كمكافاءات إلا ان شركة مجموعة العجو للتجارة تدرك اهمية التدريب وتستثمر شهريا في هذا المجال واستطاعت من خلال هذه الاستراتيجية الحفاظ على استمرارها بالارتقاء وزيادة حصتها في السوق.

تلك الاستراتيجية لعبت دور اساسي في نجاح شركة مجموعة العجو للتجارة لتحقيق هذا النجاح في جميع المجالات السابق ذكرها، ولو ان في المقام متسع لذكرت العديد من النماذج والامثلة للنجاح ولكنني اكتفيت بهذا النموذج لوضوحه، وكما يقول علماء البرمجة اللغوية العصبية فإن النمذجة هي من افضل طرق التفوق والنجاح فإننا لو طبقنا هذا النموذج على غيره من الاشخاص أو المنظمات فسوف نحظى بنفس النتيجة بإذن الله تعالى، ومع ان هذه المدرسة في علم النجاح تعارض كثير من الاراء التي تبرر النجاح والتفوق بالظروف والبيئة إلا اننا كمسلمون نؤمن بهذا الامر والله سبحانه وتعالى يقول "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" ولهذا فإن النجاح هو قصة عمل ونموذج يمكن معرفته وتطبيقه والاستفادة منه.

أشرف بن محمد غريب
الرياض6/12/2005م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحاسة الثامنة

من كسر بيضة الديك؟