حكايات تروى

نسمع الحكايات والقصص، وتجذبنا صباغتها، بالذات تلك التي نسمعها عن أشخاص نعرفهم بعينهم، من بيئتنا المحيطة، وكم تكون الحكاية رائعة، عندما تصور لنا أبطالا، وتحتوي حبكة، والأمثلة كثيرة جدا، على الأرجح أنك سمعت واحدة على الأقل هذا الأسبوع، وتبقى آثارها تلامس جوانب من شخصياتنا يوميا.

نتفق غالبا على أن بعض الحكايات تكون ملهمة محفزة، ولكن الكثير منها ليس كذلك، فهي تبدو في ظاهرها محفزة، لكنها ترسل العديد من الرسائل السلبية والمثبطة، خصوصا تلك الحكايات التي ينبعث منها صوت خفي يقول لك، أنت لا شيء.

وهنالك مجموعة أسئلة علينا اثارتها عند سماع الحكاية، ليس من باب التشكيك، وإنما من باب البحث عن الفوائد الملهمة والمحفزة في القصة، والهروب من تلك الاثار السلبية التي قد تحتويها.

أسئلة هامة تحتاج إلى إجابة أثناء سماع الحكاية:
- هل يروي الحكاية صاحبها أم شخص آخر؟
- هل الشخص الذي يروي الحكاية مراقب دقيق متعمق أم سطحي؟
- هل تناولت القصة تفاصيل النجاح والفشل؟
- هل تحتوي القصة على خطوات عملية لمحاكاة وقائعها وتكرار تجربة النجاح؟
- هل تركز القصة على نقاط التحول؟
- هل تضمنت الحكاية ظروف الزمان والمكان؟
- هل نفهم جيدا بيئة الأحداث الواردة في القصة؟
- هل القصة كاملة غير مبتورة أو مقطعة؟
- هل تعتمد أحداث الحكاية على الصدفة؟
- هل نتائج القصة واضحة في روايتها؟

يقول الله سبحانه وتعالى: ((نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ)) الآية 3 سورة يوسف القران الكريم، عن ابن عباس قال: قالوا يا رسول الله لو قصصت علينا؟ فنزلت "نَحْنُ نَقُصّ عَلَيْك أَحْسَن الْقَصَص"، فتأمل قصص القران، وأبحر في فضاءات الحكمة فيها، وتدبر تلك المعاني الخالدة.

لا شك أن هنالك من القصص الواقعية ما يلهمنا ويحفزنا ويدفعنا نحو النجاح والتغيير، ولكن هنالك أيضا حكايات تروى، لها اثار سلبية، تحبطنا وتثبط من عزائمنا، وتسحبنا للخلف، وهذا ما ينبغي علينا الحذر منه والتنبه إليه أثناء سماعنا إلى تلك القصص.

لا يمكن أن نبني مفاهيما عن النجاح خالية من القواعد والقوانين، ولا تجدي كل تلك القصص التي تروج للصدفة، والفرصة الذهبية الواحدة في الحياة، فإن ضاعت فلن تتكرر، ولا تنفعنا كل القصص التي لا تبين ظروف المكان والزمان، إلا ما يحكى على سبيل عام، مرتكزا على القواعد والقوانين.

نتأثر نحن البشر بالقصص، سواء كانت ملهمة محفزة إيجابية، أو غير ذلك، وهذا ما يجعلنا نهتم أكثر في انتقاء ما نستمع إليه، وتدوير القصة في عقولنا لنتبين دقتها من عشوائيتها، وصوابها من خطئها، وصدقها من كذبها، فليس كل ما يقال يصدق.

27 يونيو، 2014

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحاسة الثامنة

من كسر بيضة الديك؟

سر نجاح اكبر 100 شركة سعودية