اعتراف

في كل جلسة عائلية أو ودية نجلسها مع المقربين أو الأصدقاء، يكون تداول المواضيع متفرق، مما يتيح لنا إجراء مسح عام للمستوى الثقافي الذي يعيشه المجتمع، وتجد أن 80% من الموضوعات المطروحة ليست ذات علاقة مباشرة في حياتنا الشخصية أو العملية أو الاجتماعية، ومع ذلك فإننا نستغرق وقتا طويلا في نقاشها وتحليلها، والأكثر غرابة من ذلك أن تجد كثرة المستشارين العارفين بتلك الأمور الدقيقة.

نادرا ما تجد موضوع بسيط محدد ذو أطراف واضحة، يعرض في مجلس من هذه المجالس، فلا أذكر أن جمعة للأصدقاء على مقهى في أي مكان في العالم، كانت تدفعنا لتخصيص تلك الجلسة في نقاش موضوع محدد بعينه، حتى لو كان طريقة صناعة البيتزا، وليس الأمر متعلق بالرجال، فأنا أتحدث عن ثقافة مجتمعية عامة، فالنساء كذلك.

دعونا نبدأ في الاعتراف بوجود ثمة مشكلة حقيقية معاصرة نعيشها حاليا، ونحددها بشكل واضح، ثم نجتهد بعد ذلك في إيجاد حلول لها، ومن وجهة نظري سأعرض مجموعة من الأهداف الهامة جدا لدى معظمنا حاليا، إلا أنها لا تحتل موقع التخصيص لحلقة الجلسة بأي شكل، ومن هذه الأهداف، أو المحاور الهامة في حياتنا:
- تربية الأبناء في عمر الطفولة
- التعامل مع الأبناء في سن المراهقة
- تكوين مفهوم تحديد التخصص لدى الأبناء
- زراعة ثقافة القراءة لدى الأبناء
- الحرية المالية وكيفية الحصول عليها
- بناء الثقافة الفكرية الناضجة
- صلة الأرحام والتعامل مع المشكلات الصعبة
- علاقة الموظفين بمدرائهم في بيئة العمل
- التحول إلى بيئة عمل إيجابية محفزة
- تعلم اللغات
- إدارة المصروف المنزلي بجدارة
- الاستثمارات العائلية
- إدارة الوقت والتعامل مع الأولويات
- كيف تخطط لحياتك
- التفكير الإيجابي وتطوير الذات
- التفكير الإبداعي وتنمية القدرات
- ما لا بد على المسلم تعلمه
- صلاة الخسوف والكسوف
- الزكاة وأولويات اخراجها لمستحقيها
- العمل الخيري التطوعي
- المسؤولية الاجتماعية
- إدارة العلاقات الزوجية بنجاح
- إدارة أعمال الأسرة المبدعة

وكل تلك المواضيع التي طرحتها، إنما هي قليل من كثير، نحتاج إلى تطوير مهاراتنا فيه، ولكن مشكلتنا الحقيقية في عدم اعترافنا بأننا لا نركز على موضوع بعينه لنبحثه ونقرأ فيه، ونتحاور فيه، ثم نجمع أفضل الممارسات والأفكار ونلخصها، لنخرج بنتيجة إيجابية تنعكس على واقع حياتنا، ولعل البعض يقول إن مثل تلك الإجتماعات الودية، هي للترفيه، ولا شك ولكن، بالمقابل كم هي عدد الساعات التي ننفقها في القراءة والتطوير والعمل والتفكير والحوار لبناء مهارات تمكننا من تخطي صعوبات الحياة؟!!

نحن بحاجة أولا لحساب الزمن المستغرق في هذه الاجتماعات، مضاف عليها وقت الشات، في الانترنت والواتساب وكل الوسائل الحديثة في التواصل الاجتماعي مضاف عليها وقت المكالمات الهاتفية الاجتماعية، ووقت النزهة والخروج بالسيارة للسفر أو التنقل للنزهة، لنخرج برقم نهائي يكون مؤشر الوقت المستغرق في الجانب الاجتماعي من حياتنا، ثم بعد ذلك نحسب الوقت المستغرق في الجانب العملي في حياتنا، ونحسب ايضا وقت النوم في اليوم، ثم ننظر للوقت المتبقي والمفروض أننا نستثمره لتطوير حياتنا التي صرفنا فيها جانبين هامين من الوقت الجزء العملي والجزء الاجتماعي، سنجد أن النتيجة مفجعة.

الاعتراف بأننا نهدر الكثير من الوقت، والحل بأن نضع أهداف لتطوير مهاراتنا وقدراتنا وتحسين جودة حياتنا من خلال قراءة مركزة، وحوارات مركزة، ومتابعات وتفكير وتأملات مركزة، على موضوع بعينه نخرج منها بنتائج وخلاصات ندونها ونكتبها ثم نعمل بها ونستثمرها في تحسين جودة حياتنا، لنعيش حياة أفضل.

أشرف بن محمد غريب
الرياض 21 أغسطس 2015

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحاسة الثامنة

من كسر بيضة الديك؟

سر نجاح اكبر 100 شركة سعودية