انكشاف الذات

نحن نعيش في عالم يقول عنه الناس أنه معقد جدا بينما أرى أنه بسيط جدا، يمكنني خلال دقائق من الجلوس على مكتبي من تحليل شخصيات الناس والتعرف على حقيقة ذواتهم لاننا اصبحنا مشكوفين من كثرة ما نرسل ونتكلم

فلست بحاجة لسؤال أي شخص هل انت تقرأ كتابين في الشهر أو هل لديك اهتمامات فكرية او علمية وحتى في غالب الاوقات انا لست بحاجة للسؤال عن مؤهله العلمي ولا عمله، كل هذه الاسئلة ستكون اجاباتها حاضرة على صفحاته ومشاركاته في مواقع الانترنت والتواصل الاجتماعي

زماننا أصبح اكثر بساطة من قبل وذواتنا مكشوفة للجميع، والجميع يدرك من فينا الصالح من الطالح، بشكل بسيط جدا، لكن مكابرة الكثيرون تجعلهم ينكرون حتى هذه الحقائق الظاهرة

الخلاصة، أن كل انسان فينا أصبح ظاهرا شفافا أمام الآخرين بكل ما يحيط به من علاقات اجتماعية وعملية وشخصية، وهذه المشكلة، أما العلاج للمشكلة فمن وجهة نظري يمكن أن يكون أولا بإدراك أننا بحاجة لتطوير ذواتنا، وتغيير عاداتنا وسلوكياتنا لنكون في مكان أفضل باذن الله

نحن بحاجة لإن نفكر مرتين قبل أن نكتب ونتكلم، وبحاجة لأن نعرف الفرق بين الصواب والخطأ والحلال والحرام والعيب والممكن وهكذا نكون أكثر اقترابا من التطوير الذاتي، وهذا يجعلنا أن نعتقد أننا على صواب وأفضل، فمراجعة تحليلات عامة لتواجد أي شخص على شبكات التواصل الإجتماعي تجعله يدرك كم كون انطباعات حقيقية سيئة عنه وهو لا يعلم

أمر أخر في طريق التغيير والتطوير والهدف ليس ستر الذات التي تم انكشافها وانما تعديلها وتغييرها وتطويرها وترميمها لتكون أفضل، أن نبدأ في الاستماع مرتين اكثر من الكلام، علينا أن نستفيد من تعليقات الاخرين وانتقادات الاخرين وتعليقات الاخرين فهي لا تأتي من فراغ، واتفق أن البعض يبالغ ولكن غالبا هنالك الكثير من الفوائد التي نجنيها من التنبه للتعليقات والانتقادات

انكشاف الذات لا يمكن ستره لأننا أصبحنا نقول ما نأكل وما نشرب وما نلبس وما نفعل وكل شيء، لكن علينا أن نغير بعض السلوكيات، فالفرحة التي اجتماع الأسرة قد تكون مؤلمة لمن يتمنى أن تكون له أسرة، والأكلة التي نرسلها نتباهى بها قد يكون ثمنها كفيلا في الانفاق على أسرة تموت جوعا، ولا أقول علينا أن نتبرع للفقراء فهذا منحى آخر ولكن اقول علينا مراعاة شعور الآخرين والطيبين والمساكين والفقراء والمعقدين والحاسدين والمتربصين

ما الجدوى من تصوير صورة في غرفة العمليات، أبي يحتضر، أو صورة في المطار أنا مسافر أو صورة طعام، شوفوا ما غدائي اليوم، أعتقد أن هذه كلها ممارسات لا يجب أن تخرج من اطار الخصوصية بين الاصدقاء والاهل على الاكثر، أما ان تصبح مشاعا تنشر صورا ومقاطع فيديو عن خصوصيات ليس مشكلتها في انكشاف الذات فقط ولكنها تجعل الآخرين يدركون اخطاؤك التي لم تدركها بعد

اكتب اليوم مقال عن انكشاف الذات بينما الأمر يحتاج إلى تاليف كتاب كامل في الموضوع، اليوم الناس لا تعلم مدى قدرة الاخرين على اكتشاف حقيقة أمرها، اتعجب من صفحات بعض المتخصصين والتي لا تدل على شيء غير وهنهم وضعفهم، فكلمات بسيطة مثل الخبير العالمي في العلاج الروحي تجعلك تدرك أن هذا الشخص يرى العالمية على حدود حيه السكني أو المدينة التي يعيش فيها، والأمثلة كثيرة

الحياة اصبحت ابسط مما نتخيل، ونحن أكثر وضوحا من قبل، علينا عدم تتبع أخطاء الآخرين أيضا، والتركيز على تطوير ذواتنا، فالبعض يجلس الساعات ليتابع أخطاء وزلات الآخرين، وهذا قام الساعة كذا ونام الساعة كذا وعمل كذا وكتب كذا وتكلم بكذا وكأنه مرصد تحقيق بينما لا يعرف أن انكشافه وحتى لم يسمع عنه هو حقيقة

أفضل ما يمكن لعلاج الأمر هو تعديل الذات التي ستنكشف على اي حال، وبالتالي تكن انكشافاتها سارة وليست ضارة وفيها سلام واطمئنان بينما إن انكشفت ذواتنا بحقيقة سيئة ستكون عواقبها أسوأ، ونحن بحاجة لإدراك أننا نعيش في عالم صغير وعلينا احترام ذاتنا قبل وبعد انكشافها

أشرف بن محمد غريب
الرياض 20 يناير 2016

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحاسة الثامنة

من كسر بيضة الديك؟

سر نجاح اكبر 100 شركة سعودية