التعب محرك نجاح أصيل

(1)
كنت منذ أيام أتصفح إحدى وسائل التواصل الاجتماعي التي غزت العالم بكثرتها وكثرة تداولها، فكتبت كلمة نابعة من جهد مضني أعيشه هذه الأيام في تأليف كتاب، كانت الكلمة تقول: "النتائج الكبيرة تحتاج إلى جهود أكبر" وقد شعرت بالكلمة لأنني أعمل منذ ثلاثة سنوات على تأليف كتاب ألخص فيه جميع ما تعلمت وما أتقنت خلال عملي في مجال تطوير الأعمال وتنمية الأداء المهني في قطاعات الأعمال الحكومي والخاص والخيري، ولا أظن أن هذا الأمر سينتهي قريبا، لذلك أقدر دائما اننا بحاجة الى جهد اكبر لنحصل على النتائج التي نسمو اليها، وعلى الله التوكل.

(2)
يفكر البعض أحيانا بأن الذكاء هو ما يحقق النجاح، فكم من ساعي للنجاح تبوء مساعيه بالفشل، كم شخص تعرف عمل كثيرا واجتهد ثم لم يجد نتاجا لجهده المبذول، أعرف شخصا توفى قريبه فورث ورثا كبيرا جدا، على الأقل كبير الى درجة أنه لم يلمح بأي فئة من الملايين ورثته، خوفا من الحسد، لكن الأمر يحدث كثيرا على هذا النحو الشاذ، وأعني ما أقول، فكل القصص التي نتداولها في المجالس وتعيدها علينا وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام، كأنها تصب في ذات المحيط، محيط الدعة والكسل، وعدم الحاجة للعمل بجهد أكبر لأن الرزق مقسوم ولا شك في ذلك.

(3)
نحن أمام طريقين للنجاح إما أن نؤمن بأن الجهد والتعب والعمل ليس بالضرورة أنه محرك للنجاح أو أنه كذلك، وبغض النظر عن كوننا اخترنا الطريق الأول لأنه الأيسر غالبا، وهو يبرر لنا كثيرا من الانشغال عن الاجتهاد، ويريح البال ويسعد القلب، لأنك تدرك أن العامل الأكبر في عدم تحقيق النجاح على أي صعيد تسعى له، سيكون ليس بيدك، إذا أنت في حل من أمرك، فلماذا التعب أو تأنيب الضمير، مادامت الأرزاق مقسمة من خالق الناس فعليه التوكل سبحانه وتعالى.

(4)
يقول اديسون لم أكن أنام في اليلة قبل أن أكتب قائمة من 40 مهمة عمل لليوم التالي، فإذا كان الصباح، فوضت مهام العمل للفريق وأبقي المهام التي لا يستطيع أن يفعلها إلا أديسون

(5)
أديسون لمن لا يعلم صنف في الولايات المتحدة الأمريكية بشيخ المخترعين، وفي حياته قدم أكثر من 1000 براءة إختراع، ويعود الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في ابتكار التلفاز والهاتف والمايكرويف وسخانة التوست والكواية والغسالة والمدفئة الكهربائية ومولدات الكهرباء عالية الجهد التي تعيش عليها المدن والأحياء اليوم، إلى أديسون، فمن لا يعلم أديسون أو استطاع نقل الصوت على رقائق معالجة فهو مخترع المسجل

(6)
ولا اعلم لماذا لا نعرف عن أديسون الا معلومة واحدة وهي أنه كرر محاولاته اكثر من 1024 مرة لاختراع المصباح الكهربائي، ولا أقلل من أهمية المعلومة أو أهمية المصباح الكهربائي، فلولا أديسون بعد الله، لما استطعت أن اكتب مقالي هذا على جهاز الكمبيوتر الذي لا يمكن أن يكون بدون الضوء أو التيار الكهربائي

(7)
إلا أن أعداء أديسون كثيرون وربما هم من روجوا لنا هذه المعلومة بطريقة تشعرنا أنه إنسان غبي، يترك كل الدنيا ليقف أمام اختراع قدر الله أن يكرمه بأن يرى النور، ولولا فضل الله لمات أديسون شهيد اختراعه العظيم المصباح الكهربائي

(8)
الحقيقة يا صديقي أن أديسون كان مخترع كبير وكان يعمل على اختراع المصباح الكهربائي في الوقت الذي تنتج فيه شركته الكثير من الأجهزة التي تباع بالأسواق، وكان يعمل لدى أديسون الكثير من المدراء المتخصصين والمهنيين والمبتكرين، وعلى سبيل المثال لا الحصر من عمال أديسون المخلصين مدير ورئيس قسم وحدة انتاج كان اسمه هنري فورد، الذي استقال من هذه الشركة العملاقة ليؤسس بناء شركته الخاصة في اول اختراع للسيارة التي تعمل بالبنزين سيارة فورد

(9)
لا أبالغ إن قلت أنني أحب أديسون، لكنني لن أفرد السرد على نجاحاته فدعنا نذهب لإنشتاين الذي قال: العبقرية 99% عمل و1% ذكاء، وجدير بالذكر أن انشتاين ليس كما يذاع عنه أنه خرج من المدرسة لغبائة في الصف السادس الإبتدائي ثم بقدرة الله العلي العظيم أصبح أبو الفيزياء وأبو النسبية، الحقيقة ليست كذلك، فقد واصل إنشتاين تعليمه وأصبح أكاديميا جامعيا ومحاضرا، وهذا منطقي لن يكون فيزيائي عظيم شخص قرر أن لا يواصل تعليمه لان التعليم ضعيف والنجاح في الحياة العملية أولى والخلط بين الأمرين غير مقبول لأن لكل مضمار سباق آلات السباق الخاصة به.

(10)
سأعود لأديسون مضطرا لأنه يؤكد هذا المفهوم مفهوم العمل والجهد محرك النجاح، فيقول أديسون: يقولون أنني ذكي وقد كنت أعمل في اليوم 16 ساعة، وكأنه يقول الذكاء وحده لا ينفع صاحبه، وأنا أقول الغباء مع العمل أفضل بكثير من الذكاء مع الكسل.

(11)
قابلت رجل أعمال سعودي، ثروته تقدر بالمليارات، في لقاء طويل معه كان يركز على أن الثروة التي بناها كانت بالعمل والجهد والكد والتعب، ربما يكون قد بالغ صديقنا قليلا حتى يذر الملح في أعين الحاسدين، لكنه بالتأكيد كان يقصد التعب بغض النظر عن تداعيات الكلمة، يحدثني صديق أنه رأى هذا الرجل نازعا ملابسه وعلى جسده آثار لجروح قديمة من عمله حمالا، والراوي موثوق ومصدق لدي وتتبعي لسيرة نجاح ذلك الرجل تؤكد هذا الأمر.

(12)
أقرأ كثيرا وهذا بسبب طبيعة الأعمال التي عملت بها فما وجدت مؤلفا لكتاب أو متخصصا يطرح فكرا الا ويوكد على ان هذا العمل أخذ سنوات من العمل والجهد، صديقي العزيز النتائج الكبيرة تحتاج إلى جهود أكبر، لا أكتب الكلمات جزافا إنما أركز جيدا فيما اقوم بعمله كل يوم، فإن كانت النتائج متوافقة مع فكرة أسعى الى مشاركة الاصدقاء بها، وأكتبها في وسائل التواصل الإجتماعي ولم أكن يوما ببغاءا أكرر العبارات الرنانة أو أعيد كتابة الحكم الخالدة لأنني أدرك أنها موجودة في كل مكان، فأهتم كثيرا في كتابة نتاجي الخاص، نعم عزيزي إنه الجهد والعمل والتعب هو ما ينقصنا لنكون في حال أفضل دون شك.

(13)
ربما تعيقك بعض الظروف والعقبات، لكن ثق بأن من جد وجد ومن زرع حصد ومن سار على الدرب وصل، في الكلمة التي كتبتها على وسائل التواصل الاجتماعي "النتائج الكبيرة بحاجة ألى جهود أكبر" رد صديق معلقا: "و ما مصداقية قاعده باريتو يا استاد "20/80"" وما أفهمه عن نظرية باريتو التي درستها جيدا وطبقتها وأعلمها لفرق العمل التي أعمل معها، صحيح أن 20% من الجهود تحقق لك نتائج 80% من العائد العام للعمل، ولذلك يقول باريتو علينا أن نبحث عن افضل الممارسات لنضاعف النتائج فلو اننا استطعنا توجيه 40% من وقتنا على الأعمال التي تنتج 80% ستكون النتائج 160% وهذا يعني أننا بالتركيز الجيد على الممارسات الفعالة نستطيع أن نحصد أرباح شخصين في وقت واحد وكلما ضاعفنا هذه الممارسات ستكون النتائج أكبر، ولكن هنالك سؤال هام، في كلا الحالتين لو كانت مضاعفة النتائج من تطبيق نظرية باريتو أو عدم القدرة على تطبيقها فإن الجهد هو العامل المشترك في تحقيق النتائج التي نسعى الى تحقيقها

(14)
اسأل فقيرا ما سبب فقرك سيسرد لك كثيرا من الظروف والاسباب المنطقية، وانا اصدق ما يقول، لكنك لو بحثت قليلا تجد أن لديه القليل من الجهد او الكثير من الجهد المتقطع دون جدوى، ابحث عن الناجحين لن تجدهم حصلوا على درجات علمية عالية دون عمل واجتهاد، والله سبحانه وتعالى لا يثيب الناس على حسن نواياهم بقدر ما يثيبهم على حسن أعمالهم، يقول تعالى، الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا، ارتبط التقييم بالعمل، ويقول سبحانه وتعالى، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شر يره، سبحان الله وكان العمل هو المحرك الأساسي للتقييم، وهو المحرك الأساسي أيضا للنتائج في الدنيا والآخرة.

(15)
نحن نعيش في عصر من التخمة المتراكمة حول استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وكثرة التقنيات والتقدم العلمي الكبير، لكننا لا نستطيع أن نقول، بأن الراحة والدعة مفتاح النجاح، ستبقى دائما الجهود المبذولة بغض النظر عن كونها صائبة أو خاطئة، هي المحرك الرئيس لكل النتائج التي نحصل عليها أو نسعى الى تحقيقها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحاسة الثامنة

من كسر بيضة الديك؟

سر نجاح اكبر 100 شركة سعودية