هنالك شيء آخر مهم أيضا

في عام 2006 تعرضت إلى خسارة كبيرة في تجارة كنت قد عملت بها، وكانت الخسارة بأسباب واضحة في عدم إمتلاك الخبرة الكافية للقيام بأعمال استثمارية، إضافة إلى مشكلات في الإدارة، مضاف إليها سوء في إدارة الوقت، مع عدم تركيز على العمل، ولا أبالغ إن قلت أن عدم التخطيط كان أيضا سببا جوهريا، وعدم التهديف وتحديد الأهداف بطريقة فعالة، وضف على كل تلك المشكلات مشكلة عدم الخبرة المالية، وضعف شديد في التمويل، وقلة خبرة في التوظيف، ربما تكون الآن هذه الأسباب واضحة إلى درجة تجعلني أذكرها بكل وضوح وتناغم، ولكن في ذلك الوقت كانت غير ظاهرة، كل تلك الأسباب، ولم اكتشفها فور خسارتي، بل تطلب الأمر سنوات لأصل إلى مرحلة أدرك فيها هذه المسببات الواضحة للفشل. وسوف يكون هنالك إضافات وتحسينات وتعديلات على هذه القائمة من المسببات للفشل في مشاريع 2006، سأكتشفها في السنوات القادمة بإذن الله تعالى.

في هذا العام تحديدا، تذكرت كثيرا من المشروعات السابقة، والتي فشلت بها، وبدون ذكر سنوات وأسباب ومسميات ومجالات المشاريع السابقة، إلا أنني خرجت برقم مهم من هذه التجربة وهو أنني حاولت 27 عمرة في مشاريع، كلها كانت ولله الحمد فاشلة، صحيح خلال هذه الفترة التي كنت أقوم بمحاولات الفشل، كنت احقق نجاحات على أصعدة عديدة أخرى، ففي نفس الفترة الزمنية التي فشلت بها في 27 مشروع، أكملت دراستي الجامعية، وتخرجت من الجامعة، وتزوجت وتعلمت كثيرا من المهارات والبرامج والدورات وقرأت الكثير من الكتب، وتعرفت على أصدقاء وبنيت علاقات طيبة، وكنت محظوظاً في قضاء أوقات ماتعة في حياتي مع أشخاص أحبهم وأعمال أحبها وهوايات وممارسات أعشقها، بالاضافة الى تحقيق نجاحات في مشاريع أخرى طبعا أقل بكثير من 27، وأكيد أقل من 7، لكنني حققت نجاحات هنا وهنالك بسيطة، من أبرزها طرح أول كتاب لي في السوق، ونشره.

في عام 2008 بدأت أعيد لملمة وضعي المالي، وترميم كل الخسارات السابقة، لكنني في نفس العام تعرضت إلى خسارات وظيفية ومالية كبيرة، ولن أربك العرض بأرقام، لاتفيد إلى مغزى ما أود الوصول إليه، ولكن خسارات 2008 كانت كبيرة وكثيرة، فمشاريع كثيرة أضيفت إلى القائمة ليصبح مجموع قائمة الفشل تجاوز 30 مشروع فاشل، وهذه القائمة بحد ذاتها كفيلة بأن تجعل مني رجلاً محبطاً إلى قدر يصعب علاجه، ولم أجد في نفس الفترة ذلك السندباد الذي يظهر عادة في مثل هذه القصص، لأسمع منه أنه فشل أكثر مني فيحفزني، ولم يطرأ أي تغيير جذري حقيقي على حياتي، بل لا أزال أمارس تجاربي ومحاولاتي في تحقيق نجاح جديد، إلا أن فشلا يتلو فشل يلازمني، مع بعض النجاحات اليسيرة هنا وهنالك، وأعتقد أن هذه النجاحات البسيطة كانت هي الحد الأدنى للمقامة، حتى أستطيع أن أبقى على قيد الحياة أواجه التحديات من جديد.

حددت في هذا العام أستراتيجية جديدة للتعامل مع قوائم الفشل، وهي أستراتيجية، هنالك شيء آخر مهم أيضاً، وهذه الأستراتيجية، تتلخص في التالي: مهاما بلغت قوة تركيزك على عمل مشروع ما، أو كنت مندفعاً لتجربة جديدة، وبغض النظر عن التخطيط أو التهديف أو التنظيم، عليك أن تعمل بتوازن، فلا تندفع إندفاعا يؤدي إلى تضحيات، ربما إن نجحت حتى لن تستطيع تعويض ما فاتك من خسائر بسبب تلك التضحيات، ولذلك قررت أن لا أضحي بتوازني في إدوار حياتي، الشخصي والديني والإجتماعي والعائلي والأسري والعلمي والصحي، حتى وإن نجحت أو خسرت في مشاريعي أكون على الأقل فاشل في المجال العملي ولا أكون فاشلا في جميع مجالات حياتي.

في عام 2008 تحديداً ومع كل الفشل في المجال العملي الذي تعاقب حتى ثلاثة سنوات، كنت أحقق نجاحات في مجالات أخرى في حياتي، وأسعد بتلك النجاحات، وأجد نفسي مرتاحاً مع قائمة فشلي، لأن الفشل أصبح يسيراً مقارنة بالنجاحات في مجالات حياتي الأخرى، وبتوزيع الفشل والنجاح على أدوار حياتي أجد نفسي في تحقيق النجاح أكبر من تحقيق الفشل، وهذا ما خدمتني فيه أستراتيجية، هنالك شيء آخر مهم أيضاً.

في عام 2011 تعرض سوق العمل الذي كنت مركزا عليه من ثلاثة سنوات ماضية إلى خسارة كبيرة، وذلك بسبب بعض الأوضاع السياسية التي أثرت على المنطقة برمتها، وكان هنالك ركودا غير مسبوق، فمشكلاتي في 2006 وحتى في 2008 وما تعاقب لاحقا لم يكن مثل مشكلات 2011، ومع ذلك أجد أن أستراتيجية هنالك شيء آخر مهم أيضا، تعمل وبقوة، فهي تمنحني سعة أفق في التفكير لأتمكن من توزيع مجالات تركيزي على أدوار حياتي فأجد بالحد الأدنى نجاح هنا، وتقدم هنالك، وتعزيز هنا وتقويم هناك، تساهم في ترميم حالات الفشل وتمنحني القوة التي تدفعني لتحقيق نجاحات لاحقة، وتمضي الأيام بقدر من التوازن تجعلني قادرا على فهم أن هنالك أشياء أخرى كثيرة، أهم مما أضع تركيزي عليه، وأفشل به.

لن أتحدث عن حالات النجاح المتتالية في الأعوام اللاحقة لعام 2011، ولكنني سأعود عند حالة من الركود الاقتصادي في عام 2016، أكبر بكثير من كل حالات الركود السابقة، وأقسى من كل ماسبق، ومع تقدم السن وزيادة الخبرة، تكون المشاريع الفاشلة أكثر تأثيرا على الوضع النفسي والاجتماعي والمادي، وتبعات تلك الخسارات تكون أكبر من سابقاتها، لكنها تبقى حالة فشل تنضم إلى قائمة الفشل الطويلة، والتي بفضل الله لا تعيش وحيدة، فمعها قائمة نجاحات، وإن كانت أقل بكثير، إلا أنها موجودة، ووجودها بحد ذاته يجعلنا نشعر بنوع من الفخر والأمان.

مرور حالات النجاح والفشل في حياتنا أمر طبيعي، وطبيعي جدا أن نتعلم من حالات الفشل في حياتنا، وربما نحقق النجاح بالقدر الذي كنا نحلم به، أو أقل أو أكثر، لكننا على كل حال، بحاجة للتفكير بأستراتيجية، هنالك شيء آخر مهم أيضاً، وهي الأستراتيجية التي تفتح لك الآفاق واسعة، لتدرك أن حياتك ليست عملاً فقط وليست حياة زوجية فقط، وليست حياة شخصية فقط، وليست حياة دينية وروحية فقط، وهكذا فنحن نعيش بمجموعة كبيرة من الأدوار تجتمع في حياتنا لتشكل توازنا يكوننا بكل مكوناتنا العاطفية والعقلية والجسدية والروحية، وهذا المزيج هو ما يجعل الإنسان مختلف عن باقي المخلوقات في هذا الكون، الذي خلقه الله سبحانه وتعالى، ليجد نفسه، يفكر بعقله ويحب بقلبه ويشعر بروحه ويعمل بجسده، فإن تمكنا من التفكير في الأشياء الأخرى المهمة أيضا في حياتنا، والسعي إلى تحقيق نجاحات فيها، سنجد أن خسارات كبيرة في المجال العملي لا تعني فشلا في الحياة، وكذلك نجاحات كبيرة في المجال العملي لا تعني نجاحا في الحياة.

إن الحياة هي مزيج من مجموعة مكونات وأدوار تتطلب منا العمل والسعي في مجالاتها، والعمل على تحقيق أفضل ما نستطيع فيها، فإن كان هنالك فشل في مجال، فسيكون هنالك نجاحات في مجالات أخرى، وستكون النتيجية النهائية لمتوسط حسابي لمجموع الفشل والنجاح، هي نتيجة القياس الحقيقة للنجاح في الحياة، أو الفشل فيها، وفي كل يوم من أيام حياتك، قبل أن تنام أو عندما تستيقظ مبكرا، تذكر هذه الأستراتيجية الجميلة، هنالك شيء آخر مهم في حياتك، وحاول تدوينه، بعيدا عن التفكير الموحد في مجال واحد في حياتك، لتجد نفسك تبني قائمة من المهمات، ربما تكون منها، رحلة عائلة، أو جلسة مع أصدقاء، أو قراءة قرآن، أو جري نصف ساعة، تذكر دائما هنالك شيء آخر مهم أيضا في حياتك عليك القيام بعمله، ولا تعيش حياة تهرول بها نحو تحقيق أهداف عملية ومهام عمل يومية حياتية، تفقدك جانب من مكوناتك الأساسية الروحية والعقلية والقلبية والجسدية، لتحقق ذلك التوازن الذي يشعرك بالراحة في حياتك.

في عام 2016 تعرضت من جديد إلى أزمة حقيقية في مجال عملي، إلا أنني لا أزال أعمل وفق أستراتيجية هنالك شيء آخر مهم أيضا، وهذه الأستراتيجية تدفعني دائما للتفكير في الاشياء الأخرى الهامة في حياتي، والتي ربما تبتعد قليلا عن المجال الذي فشلت فيه، فالكثير من الناس عندما يفشل في العمل يعيد التفكير في استراتيجيات جديدة لتحقيق نجاح في العمل، أو أنه يبدأ تغيير طريقة عمله ليحقق نجاحا في عمله، بينما ما أعنيه في أستراتيجية هنالك شيء آخر مهم أيضاً، أن تضع تركيزك على مجال آخر من مجالات حياتك بعيدا عن التفكير في المجال الذي فشلت فيه، فهذا سيمنحك فرصة لتحقيق نجاح في حياتك، من مجال آخر، وفي الوقت نفسه، سيحفزك لتجد لاحقا، ولا أقول مباشرة، ستجد طريقة أو أخرى، أو ربما تتغير الأحداث بأقدار تجعل من خساراتك تتحول نجاحا في المجال الذي فشلت فيه أصلا.

في التفكير الإبداعي، نقول دائما، مقولة انشتاين: إننا لا نستطيع حل المشكلات بالعقلية التي أوجدت تلك المشكلات، وهذا التفكير الإبداعي يدفعنا، للإبداع بعقلية غير عقلية المشاكل، ولو أننا جمعنا عشرة متخصصين في مجالات مختلفة، وطلبنا منهم جميعا أن يفكروا في مشكلة تخصص واحد من العشرة، لاتتعجب بأنك ستجد أفكاراً إبداعية من الغير متخصصين في مجال المشكلة، فهذا يفسر نظرية إنشتاين من جانب، ويؤكد أستراتيجيتي من جانب آخر، والتجربة خير برهان، وهنالك الكثير من الشركات اليوم، تعمل على بناء مجموعات عمل من تخصصات مختلفة لتعقد إجتماعات عصف ذهني والسعي لحل مشكلات في العمل لا تكون في صميم عمل المجموعة كاملة، لكنها تستفيد من هذا المزيج في التفكير خارج الصندوق.

وبصفتي متخصص في مجال تطوير الأعمال، وقد كتبت كتابا عن حل المشكلات واتخاذ القرارات، وأقمت الكثير جدا من ورش العمل في تدريب الموظفين لقطاع الأعمال الحكومي والخاص والخيري، على اكتساب مهارات حل المشكلات واتخاذ القرارات، أؤكد أن أستراتيجية هنالك شيء آخر مهم أيضاً، ستمنحك قوة في التفكير في طرق عملية وفعالة في إيجاد حلولة مبتكرة لمشكلات مجالك الذي فشلت فيه، ولكن بعد أن تترك الأمر جانباً وتعيد التفكير في مجالات أخرى وأعمال أخرى وأشياء أخرى وتحقق نجاحا فيها، ربما في هذا الوقت فقط ستكون قادراً على تجاوز مشكلاتك الأساسية وإيجاد حلول لها.

لماذا ركزت في هذا المقال على الأحداث السلبية في حياتي المهنية؟
ولماذا أقوم بمثل هذا الأمر في كثير من المقالات التي أكتبها؟!، وكأنني أفكر بطريقة سلبية، أكثر بكثير من تفكيري بالطريقة الإيجابية، وهذا ما لفت انتباهي له كثيراً من قرائي الأفاضل، والمتابعين الذين أقدر لهم تواصلهم، باستمرار معي، وكثيراً ممن يراسلونني، ليقولون لي أن هنالك أشياء هامة جداً علي التنبه لها، ومنها التركيز على الأحداث السلبية أحياناً.

هنالك شيء آخر مهم أيضاً، صورت لنا الكثير من قصص النجاح، والأفلام الوثائقية، والعديد من البرامج التوعوية والتثقيفية والنجاح بصورة، تشبه إلى حد كبير، تلك الصورة الخيالية التي نشاهدها في أفلام الكرتون، فالرسوم المتحركة، لاتعجزها قوانين الطبيعة، فالرسم يمكن أن يصورأي فكرة حتى وإن كانت الفيزياء والكيمياء والأحياء ليسوا على قدر من التوافق معها، ولسنا بحاجة لأكثر من الإبحار في بحر الخيال، ونرسم تلك الأفكار، لنجسدها للمشاهد، وهذا ما نلمسه في الكثير من قصص النجاح، وبرامج التحفيز التي تكرر، باستمرار وبطريقة وإن تنوعت سبل الإبداع فيها، باتت لا تعمل.

كان عنوان كتاب بول حنا في التحفيز، ذلك الكاتب الأسترالي المتألق، رائعاً وملهماً "يمكنك أن تفعلها"، وسبقه قبل ذلك كتاب ديل كارنيجي، "دع القلق وابدأ الحياة" وتبعهم كثيرون، لكننا اليوم بحاجة إلى التركيز على حالات الفشل أكثر بكثير من طرح حالات النجاح، لأن هنالك محرك خفي يقف مع كل قصة فشل، يعمل على تغيير طريقة تفكيرنا وتعديل سلوكنا أكثر من التحفيز الذي ينعكس من قصص النجاح، فكر معي قليلاً، لماذا يهتم كل المحفزين إلى سرد قصة أديسون وأنه فشل أكثر من 1000 مرة قبل أن يصنع المصباح الكهربائي، ولاحظ أن القصة كل مرة تذكر لك 1000 فشل، ولا تخوض في أي منها، ولكنها تركز على النجاح النهائي، لأنه هو ما يعنينا تماما، لكن قل لي: كم مرة ستلهمك هذه القصة؟، وبالذات في حالات فشلك الـ 100 ولن أقول الـ 1000، هل ستلهمك هذه القصة 10 مرات؟! 

أتوقع لو كان لديك 1000 قصة فشل لأديسون ستكون فيها 1000 طريقة لمقاومة الفشل والسعي نحو النجاح، والغريب أن الجميع يذكر هذه القصة، والقليل من يؤكد أن أديسون سجل في مكتب براءات الإختراع في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 1000 إختراع خلال حياته، وأن هنالك اختراعات لم يسجلها، لأنه كان يرى أنها أقل من أن ترتبط باسم أديسون، وأن أديسون كان يمتلك شركة انتاج وتسويق وبيع لتلك الاختراعات والابتكارات، وكان مليونيراً، وكان من أصدقائه في زمانه الأثرياء مثل أندرو كارنيجي رجل الأعمال الأمريكي الثري، كل تلك القصص غابت عنا، وأنا متفائل من طرحها أن أؤكد أن الفشل خطوة طبيعية في طريق النجاح، وأن الحل لا يكون يسيراً ولا سريعاً ولا سلساً، ولكنه موجود ويتطلب منا تعلم وممارسة وعمل وتفكير وتغيير وتخطيط وتبني أستراتيجيات وتعديل سلوكيات، وليس فقط كلمات إيجابية محفزة.

أكتب قائمة بالأشياء التي تتمنى أن تفعلها في حياتك وقبل موتك، أكتب قائمة تضم كل الرحلات والهوايات التي تتمنى أن تقوم بعملها، أكتب قائمة بكل الأشخاص الذي تود لقاؤهم وزيارتهم، وقائمة بالكتب التي تتمنى قرائتها، وقائمة بالبلدان التي تود زيارتها، والرياضات التي تتمنى أن تفعلها، واسعى لأن تكون القائمة طويلة وطويلة جدا، أكتب كل شيء مهم في حياتك على صعيد حياتك الشخصية والاجتماعية والعملية، اكتب القائمة وعلقها في غرفتك في مكتبك وكررها في قوائم صغيرة في محفظتك واكتبها في أجندة أعمالك، اكتب أهداف حياتك، وأمنيات حياتك وأحلام حياتك وكل شيء يمكنك أن تفكر فيه وتكتبه، حتى وإن كان مستحيلاً أو صعباً أو بعيداً، أكتب القائمة وكبرها وراجعها باستمرار، لتكون بوصلة توجه وتحرك يومية، تؤكد لك أن الأشياء التي تقوم بها اليوم هنالك أشياء اهم منها، أو أقل أهمية منها، لتكون على يقين بأنك تفعل أهم ما يمكنك فعله اليوم.

أكتب قائمة بالأشياء السخيفة، حتى زيارة المطاعم التي كنت تتمنى أن تزورها، أو مشاهدة الأفلام التي كنت تتمنى مشاهدتها، أو لعبة كنت تحب أن تلعبها، أو أكتب في القائمة أنك تريد أن تصبح مليونيراً ورجل أعمال، وأكتب على رأس القائمة القصر والمنزل والمزرعة التي تمنيت أن تمتلكها، أكتب في القائمة كل شيء، لتتذكر دائماً أن هنالك شيء آخرمهم أيضاً ويستحق أن أعمله وبإمكاني أن أعمله الآن وبالتالي أذهب إلى ما بعده.

ربما تكون قائمة الفشل طويلة في حياتك، لكن قائمة النجاح ستكون أطول عندما تكون القائمة شاملة لكل الأحلام والأمنيات والأفكار والأهداف والأشياء الكبيرة والصغيرة التي تود أن تقوم بعملها في حياتك قبل مماتك، لتجد نفسك قادرا على إنجاز أشياء كثيرة في حياك ربما تكون ليست بالصعوبة التي تتخيلها لكنها بالتأكيد تحتاج إلى كتابة قبل أن تكون بحاجة إلى سعي وعمل لتحقيقها، أكتب أنك ترغب بزيارة شلالات نيجارا، وأنك تود زيارة الأهرام، وكل المدن التي تتمنى أن تراها، والمعالم والأماكن، أكتب كل المقتنيات التي لطالما حلمت باقتنائها، لتكون لديك قائمة، تخبرك بأن حياتك التي تعيشها قصيرة جداً وتتطلب منك انتقاء فيما تقوم بعمله اليوم، ودائما هنالك شيء آخر مهم أيضا في حياتك عليك التفكير فيه والقيام بعمله.

هنالك شيء آخر مهم أيضاً بحياتك، وهو كتابة الأفكار التي كثيراً ما فكرت بها، ولكنها لم ترى النور، ولم تخرج على شكل كتاب ولا مشروع ولا منشور ولا مقال ولم تلقيها ككلمة في حشد من الحضور، أكتب كل شيء فكرت به ومن شأنه تغيير العالم، وتحقيق السلام، والتأثير بالآخرين، وقيادة حياتهم نحو أماكن أجمل من تلك التي يعيشون بها مثلاً، أكتب كل الانتقادات على تلك الممارسات التي عاصرتها في حياتك، وكيف كان بالامكان حل هذه المشكلات، فكلنا نفكر لكن قليلون منا من يحولون هذه الأفكار إلى مشاريع يستفيد منها عدد أكبر من الناس، وليس بالضرورة أن الاعلاميون والصحفيون والكتاب والمشاهير هم الاقدر على طرح حلول لمشكلات قضايانا، فهنالك آخرون كثيرون جدا، لديهم مخزون فكري وابداعي كبير، لكنهم للاسف يجلسون خلف الشاشات أو في منصات المتفرجين ينتظرون أن يفتح الستار لأعمال غيرهم، ويبدؤون في انتقادها والتعديل عليها بدوائرهم الصغرى، دون أي تأثير يذكر، وهم أكثر علما من غيرهم.

يقول شكسبير: مشكلة الطيبين أنهم لا يفعلون شيئاً، وهذه حقيقة، نحتاج أن نتبينها ونفكر بها، لأن هذه المشكلة تحتاج إلى حل، فكل رجل ظهر على التلفاز مثلا وقدم برنامج ركيكاً، كان ذنبه في يد ذلك الجالس أمام الشاشة لم يسعى حتى لأخذ مكانه في تقديم أفضل ما لديه وهو أفضل من غيره، إلا أنه اكتفى أن يقول في مجلسه المصغر، هذا أخطأ بكذا وكان عليه أن يقول كذا وخطؤه كذا ولا يصح هذا وذلك ودواليك، وبقي دون أن يكون مؤثراً في حياته وحياة الآخرين.

في كل يوم تذكر أن هنالك شيء آخر مهم أيضاً واسعى إلى كتابته أولاً ثم اعمل على تحقيقه، ولا تدع حايتك تسير على قضبان سكة قطار، بطرفين احداهما النجاح والآخر هو الفشل، فالحياة قصيرة، والأشياء التي تستطيع أن تفعلها بها اكثر بكثير من تلك المسامير التي تثبت سكة القطار، وانت إنسان، ولست قطاراً لذلك ستكون دائماً قادراً على تكوين شيء آخر غير تقليدي يصنع فارقاً في حياتك وحياة من حولك، وهذا البعد الآخر لن يكون من التحفيز أو البرامج التثقيفية أو تلك الرسائل اليومية التي تتسلمها في تويتر وانستجرام ولا مقال او كتاب يمكنه أن يصنع فارقا في حياتك مثل ذلك الفارق الذي تصنعه بمبادراتك الشخصية اليومية التي تبدأ من كتابة ماذا تريد؟ وما يمكنك القيام به؟ وتذكر، هنالك شيء آخر مهم أيضاً في حياتك، فاسعى إليه ولا تقف عند كل قوائم الفشل وإن كانت طويلة.

أشرف بن محمد غريب
 تورنتو 20 أكتوبر 2016

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحاسة الثامنة

من كسر بيضة الديك؟

سر نجاح اكبر 100 شركة سعودية