الحاسة الثامنة

نحن نتعلم من خلال تلقي المعرفة باستخدام الحواس، ولدينا نحن البشر، وفق ما تعلمنا في المدارس، خمسة حواس نتعلم من خلالها: السمع والنظر واللمس والتذوق والشم. ولكن الدروس التي تلقيناها بصفوف الدراسة في المراحل الابتدائية، لم تشمل المزيد من الحواس المؤثرة على عملية التعلم، وافترضنا أن الحواس خمسة واستمرت المعلومة معنا إلى مراحل متقدمة في حياتنا، هنالك حواس أخرى، لم نتعلمها بعد. الحاسة السادسة، هي قدرة العقل على تحليل المعلومات، وتحويلها إلى معلومات جديدة، وهذه الحاسة السادسة هي جزء في التعليم غير الحواس الخمس،.

يتعلم الطفل الصغير، من خلال تجربة بسيطة باللمس، أن الشاي خطر، فقط عندما يقرب إصبع السبابة إلى كوب من الشاي، ولكن هذه التجربة لا تعتمد على تلقي المعرفة من الحاسة الثالثة (حاسة اللمس) وإنما تخلل هذه التجربة تلقي أيضا بالسمع (الحاسة الأولى) والنظر (الحاسة الثانية) وكذلك تحليل كل تلك المدخلات للعقل والتفكير فيها، (العقل هو الحاسة السادسة)، وبالتالي أصبح لدينا الآن ستة حواس عوضاً عن الخمسة المعروفة.

إن فهم دور العقل في التعلم، واستخدام أكثر من حاسة في عملية التعلم وتغيير طرق التعلم، سيؤدي إلى سرعة التعلم، وتغيير النتائج، ولذلك نجد تفاوت في مستويات الطلاب في مدارس مختلفة رغم استخدام نفس المنهج، ولكن تغيرت الأساليب فاستخدمت حواس أكثر بطرق مختلفة، فتفاوتت النتائج.

الأمر هنا لا يتعلق باستخدام أدوات تقنية أو وسائل تعلم حديثة فحسب، بل وتغيير طريقة التعليم، والأولوية لتغيير طرق التعلم، واستخدام الحاسة السادسة، فالتجربة القديمة في الكتاتيب، كانت تؤدي نتائج فعالة، رغم افتقارها لجميع أدوات التعلم التقنية والغير تقنية، لكنها كانت تدعم عملية الحفظ، والاستنتاج، والحوار الجماعي، وتركز على الحواس الخمسة في استخدام الطباشير على الألواح، والنظر والسمع، إضافة إلى طرح الأسئلة والاستنتاج والتكرار الجماعي، هنا نتحدث عن الحواس الستة، وليس الخمسة فقط.

نحن نستخدم حواساً يصعب تفسيرها، ففي بعض الأوقات تجد نفسك ترفض القيام بعمل ما، أو تقبل على عمل آخر، دون وجود مبرر منطقي، وتكتشف أنك كنت على حق. ما الذي حدث؟ في عملية التعلم، أحياناً تغير الإجابات في ورقة الامتحان، دون مبرر لتكتشف لاحقاً أنك اخترت الإجابة الصحيحة.

كل الحواس السبعة التي تحدثت عنها، وعن أثرها في عملية التعلم، تعتمد على المدخلات، ولكن هنالك حاسة ثامنة تساهم جداً في عملية التعلم، ولها أثر كبير وهي تعتمد على المخرجات. عندما نتعلم فنحن نتلقى، أو بمعنى آخر، نأخذ وكل هذا الأخذ يتجمع في الدماغ، لتعمل الحاسة السادسة في التفكير، والحاسة السابعة بالحدس، أي أننا نتعامل مع المدخلات، لنتعلم، بينما الحاسة الثامنة، هي حاسة العطاء.

ستكون قدرتنا على التعلم أكبر، عندما نعطي، فمن يتعلم درساً، ويعيد تعليمه للآخرين، سيتعلم أكثر عن نفس الدرس، ويزداد فهماً له، وهنا يأتي دور الحاسة الثامنة وهي حاسة العطاء، حيث أننا بالتجربة والمحاكاة والتعليم، سنكون فعلياً حركنا الحواس السبعة وكل ذلك سيتناغم مع الحاسة الثامنة، وهي عرض وتقديم وطرح ومساعدة الآخرين في تعلم ما تعلمته والاستفادة مما تعلمته.

أشرف بن محمد غريب
تورنتو 2 نوفمبر 2016

x

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من كسر بيضة الديك؟

سر نجاح اكبر 100 شركة سعودية