نكهة الحياة

النضج رحلة تنطلق من اللحظة التي نستعد فيها أن نغير حياتنا في الاتجاه الأفضل، هنالك قوائم مهام يومية أو أسبوعية وأهداف سنوية أو حياتية، وجداول عمل تحاول أن تنظم شيء من تلك الأهداف الصغيرة والكبيرة حتى نستطيع تحقيق ما نسموا إليه، فالأهداف هي الجزء الأهم من الحياة لأن نجاحنا واخفاقنا في التعامل معها يفقدنا فرص كبيرة في حياتنا.
في حياتنا نحن نتعلم من أخطائنا ومن خبرات من حولنا، وليس هنالك مهرب من الوقوع في الخطأ وتكرار المحاولات حتى نعرف ما نريد أصلا علاوة على تحقيقه والحصول عليه، ومن المهد إلى اللحد نحن نمر بمراحل تسعدنا أحيانا وتحزننا أحيانا، والجميع سيطحن في رحلة الحياة بعيدا عن التنصيف الاجتماعي أو العرقي أو المادي فإن مسألة دخولك الطاحونة أمر بديهي، والله سبحانه وتعالى يقول: "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا" فالابتلاء في الحياة أمر بدهي لا مفر منه.
نكهة الحياة زكية حين ندرك أننا نسعى والله من وراء القصد، ولا حول ولا قوة لنا في الأمر كله إلا أن يشاء الله، نتفق على أن لكل مجتهد نصيب، ولا نختلف ربما في مسألة أنه ليس للإنسان إلا ما سعى، نعلق آمالنا على الحظ تارة ونستجدي بالجد والعمل تارة أخرى ونقف بآخر المآل دائما عند حدود النتيجة التي ربما لا ترتبط بالأسباب مباشرة، ونؤمن أن لكل شيء سبب ولكن ربما لا نعرفه حاليا ومؤجل معرفة ذلك لوقت لاحق، وإلى أن نفهم ما يدور في الحياة من حولنا نحن نعاني مرة أو مرات وننعم مرة أو مرات.
مع كل مشكلة تواجهنا تبدأ الأفكار تتشتت ويتقلص جزء كبير من إيماننا وربما يتلاشى أحيانا، وننسى أن مع كل عسر يسرين اثنين كما وعدنا ربنا سبحانه وتعالى، وأن خلقنا لم يكن لشقاء وإنما كان لتكريم وخلافة وعزة شاء الله سبحانه وتعالى لمن شاء من البشر أن يشرف بها ونحن على الدرب سائرون، فإن نجحنا في معرفة ما نسموا إليه واجتهدنا في تحقيق ذلك فنحن نسير على الطريق وإلا فشرف المحاولة يكفي والله على كل شيء شهيد.
انعم بحياتك واسعد بلحظاتك التي تعيشها فيها مهما تكن تلك الظروف التي تمر بها أو مررت بها قاسية ستبقى هنالك آمال تتحقق باذن الله وطموحات تستحق أن نسعى لتحقيقها، ولا تبتئس أو تتراجع حتى لمجرد الاحساس بأنك غير قادر على التأثير فحقيقة أنك مؤثر في الحياة حقيقة منفصلة عنك تماما وواقعة لا محالة، وعليك الاختيار أن يكون هذا التأثير إيجابيا أو سلبيا، وبيت الشعر الذي غنى به مصطفى صادق الرفاعي إذا لم تزد شيئاً على الدنيا .. كنت أنت زائداً على الدنيا لم يعني فيه أنك لم تفعل شيء وإنم المقصود أن تكون سلبيا إلى الحد الذي يجعل من أثرك زائدا على الدنيا ويشكل رقما يعاني منه آخرون في إيجاد حلولا لبعض المشكلات الناتجة عن سلبية وجودك في الدنيا.
نكهة الحياة ليست أملا فضفاضا ولا حلما ورديا أزرعه بين الأنام وإنما هو واقع يجدر بنا التصديق به والإيمان به والعمل بمقتضى وجوده وحقيقة تكوينه، عش حياتك منعما راضيا متفائلا، ولا تقل أنه فات الأوان لأنك بلغت العشرين أو الثلاثين أو الأربعين أو الخمسين أو الستين أو السبعين أو الثمانين أو التسعين، فما دمت حيا يعني أنك لا تزال تعيش بقوانين هذه الدنيا لا قوانين الآخرة وهذا يعني أن الفرص لا تزال تطير من حولك وتحلق في فضاء سمائك فامنح نفسك فرصة لرؤيتها واقتناصها والتحليق على الغيمات خير من الجلوس حتى وإن كان على قمم الجبال فكيف بمن يرضى أن يفترش الأرض هونا في قيعان الأودية.

إقرأ كل يوم شيء جديد مقال أو كتاب واستمع إلى خلاصة وتعلم وابحر في اسبار المعرفة وبحور العلوم الواسعة واغتنم وسائل متعددة سخرها الله سبحانه وتعالى لنا اليوم نستطيع من خلال الانطلاق نحو المعالي وتحقيق أقصى الغايات والتعلم والاستفادة والتغيير وانعكاس ذلك على واقع حياتنا الشخصية وحياتنا الاجتماعية والعملية والانسانية، نحن جزء من هذا الكون والعالم كله خلق الله، والناس مع اختلاف الوانهم ومعتقداتهم واعراقهم واجناسهم كلهم خلق الله الذين يسعون في الأرض لتحقيق رؤاهم فكن جزءا فاعلا من الكل وتذكر أن الله عليم خبير.
لا تصدق أنك خير البشر فقط لأنك مسلم، فهذا عجز وما جعل محمد صلى الله عليه وسلم سيد الخلق أجمعين هو ما اصطفاه الله على الخلق كلهم، وما سعى هو عليه الصلاة والسلام من عمل ومحاولات وجهد وتحمل للبلاء، حاربه أهله وتم حصاره وحارب وتأذى وفقط من أبنائه وأقربائه وزوجاته ما أدمع عيناه، وبعد جهد جهيد مات صلى الله عليه وسلم، فبلغ رسالة ربه وأدى الأمانة بكل اجتهاد وعلو همة، ولم يجلس ويقول أنا الشريف فقط لأنني مسلم.
نكهة الحياة تأتي مع التعب والسعي والاجتهاد، مع العمل والتعلم والتجربة والخطأ، مع المحاولة وتكرار المحاولة والفشل وتكرار الفشل، لا نجاح بلا تضحية ولا تحقيق لأي شيء تتمناه في حياتك ما لم تتعب وتتعب لتحقيق ذلك، وما تسمعه عن النجاح بالحظ والصدفة، يكفي أن أقول لك أن قصة النجاح تكتب بعد تحقيقه، وهذا كفيل بأن ينسف القصة كلها، لأن مئات العثرات والأزمات لن تزاحم لذة الشعور بالنصر في صياغة النص عند تحقيق النتيجة الإيجابية
هذه سنة كونية والعقل هو العقل إن لم تضف إليه فإنه ومهما يكن ذكيا يخرج بنفس النتائج، لا تختصر عمليات التطوير والتغيير في حياتك على التفكير وإنما عزز ذلك التفكير باضافات من القراءة والسماع والتعلم، فإن تكن المدخلات متجددة ينعكس ذلك على المخرجات الابداعية، والابداع ليس جلوسا على شاطئ البحر تفكر حتى تأتي الفكرة الجديدة وإنما هو مزيج من التأمل والتفكير والعمل والتعلم والاجتهاد والتجربة والمحاولة وهنا تتلذذ بنكهة الحياة التي تجعلك منطلقا نحو ما تسمو إليه وكلك أملا وسعادة وراحة بال لأنك تسعى نحو ما تريد وأنت متفائل بأن يوما ما سيحدث ما تتمناه.
الحديث الإيجابي خير من التحطيم، والتفاؤل أوسع افاقا ويفتح الأبواب وهو أحسن من التأطير، ونحن قادرون إذا ما كانت مساعينا نحو السمو لا التراجع والهوان إلى الأقل والأيسر والمتاح فقط، انطلق نحو ما تريد أن تكونه وَإِنَّ اللَّهَ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَادَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ فاجعل من أهدافك وعلى قائمة مهامك شيئا لمعاونة الناس وتيسير احتياجاتهم يجعل الله لك من حيث لا تعلم مخرجا وفرجا وفرجة أمل تشرق بها ابتسامات حياتك بكنهة تستحق أن تعيشها باذن الله.
أشرف بن محمد غريب
اغسطس 11، 2017

تعليقات

  1. كل الإحترام أستاذي الفاضل كلام يعطي دفعة للحياة جزاك الله كل خير

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحاسة الثامنة

من كسر بيضة الديك؟

سر نجاح اكبر 100 شركة سعودية