متعة الانتظار

الانتظار ممل بطبيعته ولا أحد يحب هدر الوقت أو الوقوع تحت رحمة المجهول، حتى أن كثيرا من الناس يهملون عيادة الطبيب الدورية أو زيارة طبيب الأسنان بسبب كرههم الشديد للانتظار مع ما يترتب على ذلك الإهمال من سوء العواقب، فهل بالإمكان تحويل الانتظار من عملية مكروهة إلى ممتعة؟ وكيف نجعل من الانتظار شيء ممتع؟
سننتظر طويلا وكثيرا، هذه سنة الحياة، وسنعيش أوقات صعبة تحت رحمة المجهول، وهذا يسبب الاما معنوية واجتماعية وشخصية وتتفاقم أحيانا لتتحول إلى آلاما مادية، ومحاولة تجاهل ذلك لن تجدي نفعا، فالأمر واقع والحل في الصبر والتفاؤل وهذه مهارات فعالة في مقاومة ألم الانتظار، ولكن تبقى علامات الاستفهام مطروحة، كيف نصبر؟ وكيف نمارس التفاؤل؟
الصبر يبنى بالإيمان، والإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فكلما زاد العمل الصالح زادة كفاءة الإيمان في قلوبنا وكلما زاد الإيمان زادت قدرتنا على الصبر، وتتطور قدرتنا على الصبر  من التعاضد مع الصابرين ومخالطتهم والجلوس معهم ومعاشرتهم، فالصبرين يمارسون سلوكيات يومية تعمل على تدعيم الصبر، وتزيد القدرة على الصبر مع الدعاء، تذكر قصص الصابرين تجدها كلها بدأت بدعاء أو انتهت بدعاء، فقصة سيدنا يوسف وابراهيم ونوح وعيسى وموسى ويونس وزكريا وادريس ومحمد صلى الله عليه وسلم تؤكد هذه الممارسة المتميزة للصبر، إن عمل الخير والتناصح والقيام بأعمال المسؤولية الاجتماعية والعمل التطوعي هي باب من أبواب الصبر التي تعين على الانتظار وتكسر الامه وكربه، ومن أروع الممارسات التي تكون الصبر هي الانشغال بانجاز مرحلي كتعلم مهارة جديد أو رياضة جديد أو ممارسة شيء جديد، ندرك أن الصبر يخفف من حدة الانتظار ولكننا بحاجة لتعلم مهارة الصبر وممارسة تلك المهارة وتكرار الممارسات حتى تتحول إلى عادة.
أما بناء مهارة التفاؤل فتبدأ من قول الإيجابيات واستبدالها بالسلبيات وتكرار الكلمات الإيجابية بدل السلبية وتحويل كل كلمة سلبية إلى إيجابية وسماع الأخبار الإيجابية والبعد عن الأخبار السلبية التي تثبط الهمم وتؤلم الفكر وترهق المشاعر، حول كل ما يحيط بك من سلبي إلى إيجابي لدرجة أنك لا تبالغ إن هربت من مجالسة السلبيين والمثبطين، غير حتى نمط حياتك ليتخلله أعمال إيجابية مثل الرياضة والمشي والاستكشاف والتجربة والمحاولة والتغيير، غير حتى في طبيعة الممارسات اليومية والسلوكيات التقليدية، غير حتى طبيعة الأكل والشرب والحوارات والجاسات والزيارات، كل تلك الممارسات سوف تنعكس عليك إيجابيا وتحول الاحباط إلى تفاؤل وهذا ما سيمكنك من تذوق متعة الانتظار بدل السقوط في خيبات التأميل.
لا أحد يحب الانتظار وسيبقى للانتظار وقع مرلم في الحياة ونحن بحاجة للمحاولة والخروج من دائرة الهم إلى دائرة الإنجاز وهذا لا يكون إلا مع تحويل ألم الانتظار إلى متعة من خلال الصبر والتفاؤل وستكون نتائج المرحلة مضاعفة بالفوز والنجاح.
أشرف غريب
لندن أونتاريو
31 يناير 2018

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحاسة الثامنة

من كسر بيضة الديك؟

سر نجاح اكبر 100 شركة سعودية