تريث ولا تتعجل واجعل حركتك سريعة

نستمع إلى أحاديث المجالس يوميا وكلمات كلها تدور حول فكرة الصبر، عليك الانتظار فالمرحلة حرجة ولا تتعجل فالمخاطر كثيرة، ولا أعلم ننتظر ماذا؟ أو كما قال أحد الزملاء في حوار مفتوح: ننتظر إلى متى؟، نتفق على أن العجلة تضر بصاحبها وكما تقول الحكمة العربية في التأني السلامة وفي العجلة الندامة ولكن السرعة مطلوبة في جميع مجالات الحياة، مطلوبة في التعليم والعمل والسعي والمحاولة والتجربة وأيضا مطلوبة في اتخاذ القرارات، فاتخاذ الف قرار خاطئ أفضل من عدم اتخاذ القرار، لأن الألف قرار خاطئ ستعلمك وستمنحك خبرة تستطيع بناءا عليها اتخاذ قرارات تؤول إلى النجاح، بينما عدم اتخاذ القرار لا يفيد شيئا. في عالم متسارع، تتسارع فيه حتى القرارات السياسية، فالحروب التي كانت الأحزاب والأنظمة في الدول تخطط لها أشهر وسنوات لاتخاذ قرار خوض الحرب، باتت تتخذ تلك القرارات بين عشية وضحاها، وبات الأمر سريعا بدرجة لا يمكن حتى استيعابها ولذلك نحن بحاجة لتطوير قدراتنا على التكيف مع هذا العصر السريع، لنجعل كل شيء في حياتنا سريع جدا لنتمكن من المواكبة واللحاق بالركب وعلى أقل تقدير علينا أن نكون مسرعين حتى لا نسحق بين جحافل المتسابقين ونحن ننظر أو ننتظر. يقول صديقي العزيز منصور الشمري: الناس تقول انتظر انتظر ولا أعرف ماذا ينتظرون؟!! وهذه العبارة تلخص كثيرا من التفاصيل التي نحتاج فهمها لنتجاوز أزمة الترقب التي ربما وقع بها الكثير من الناس، فالأردنيون الذين كانوا يرتقبون الأحداث في الحاصلة في فلسطين وقعوا في شرك الحرب وبات القتال داخليا ومن عاش تلك الحقبة الزمنية يعرف ما أعني وما يعني أيلول الأسود، والغريب أن اللبنانيون كانوا يرتقبون الأحداث فوقعوا هم بعد ذلك في الحروب الأهلية، والأغرب أن جميع الدول المحيطة في المنطقة كانت ترتقب ووقعت أحداث كثيرة والجميع كان يقول هذا الأمر لن يحدث عندنا حتى وقعت حرب الخليج الأولى، والحكاية تتكرر فماذا ننتظر؟ في بداية الثورات العربية حين بدأت في تونس كان الجميع يقول مصر غير، وبعد انتقال رياح التغيير إلى مصر كان يقال سوريا غير، وبعد ثورة سوريا قيل بأن اليمن غير وليبيا غير والجميع يرى نفسه أنه غير، ولن يحدث له ما حدث لغيره وكأننا نتفنن في الانتظار، فقط نقنع أنفسنا بأن ما يحدث في بيت الجيران لن يحدث معنا، وهذا ليس صحيح، بل هذا مؤشر قوي وواضح أن ما يحدث في بيت الجيران حري به أن ينتقل إلى بيتنا لأننا نعيش في نفس المحيط والبيئة والمنطقة، فلماذا ننتظر؟ علينا أن نتقن فن التحرك بسرعة والبحث عن المشكلات والتفكير في الحلول والبدائل وتجربة البدائل بعد اختيار أفضلها وأن نكون مستعدين لتغيير البديل في حال أن المحاولة لم تفضي بنتائج إيجابية تؤدي إلى حل المشكلة، وهذا يتطلب سرعة في اتخاذ القرارات والحركة أكثر من أي وقت مضى، وهذا الأمر ليس متعلق بالحروب والمشاكل السياسية فحسب بل هو مهم جد في التعليم والعمل والأمور الاجتماعية، حتى أننا بحاجة لاتخاذ قرارات سريعة في بدء الحمية المناسبة للحفاظ على الصحة التي لو لم نحافظ عليها ستزول ونقع في مشكلات أعوص وأكبر. لا يفيد أن نرتبك أن نعيش في حالة توتر أو نشعر أنفسنا بأننا بخطر فهذا بحد ذاته محبط، ولكن في الوقت نفسه لا يفيد أن نرتقب وننظر وننتظر، فالإيمان بقدرة الله والعدالة السماية والحق الذي لن يضيع لا تتعارض مع بذل الأسباب والمحاولة والاجتهاد للتغيير وعمل ما بوسعنا عمله لننتقل من حال إلى حال والأقدار بيد الله ولا يعلم الغيب إلا الله ولكننا مكلفون بالعمل والسعي وهذا دور هام من أدوارنا في الحياة، وذلك أقول تريث ولا تتعجل واجعل حركتك سريعة. أشرف غريب لندن اونتاريو فبراير 04/ 2018

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحاسة الثامنة

من كسر بيضة الديك؟

سر نجاح اكبر 100 شركة سعودية