إلا الفراش


كان يعمل في شركة، وله منصب متميز، بشمهندس كبير، ولكنه حديث عهد في العمل والتعامل مع الناس، وكان يتعامل مع عامل القهوة، وعامل النظافة بطريقة متعالية جداُ، التفت إليه أحد المهندسين الخبراء، ليس في مجال عمله فحسب ولكن في الحياة أيضاً بحكم التجربة وفارق السن، وقال له:
ياولدي تحدى بقوة شخصيتك وعلمك وحسن إدارة وحسبك كل من في هذه الشركة، بمهندسيها ومدراؤها وكل من فيها، ولكن إياك أن تتحدى الفراش أو العامل، عليك أن تتعامل معه بلين جانب، ليس من باب التواضع - وهو أولى بالخلق أن تتعامل به - ولكن لسلامتك.
لم يفهم الشاب اليافع، المغزى من الكلام، ولم يأخذ الكلام بجدية، وتجاهل الأمر، وفي يوم من الأيام، وبينما هو منهمك في تأمين سيارته في موقف السيارات، ويحاول أن ينهي العملية، نزل من السيارة، وبدأ يصرخ على عامل النظافة، ويقول له، بصوت مرتفع ولغة تحدي وتكبر:
لماذا تضع دلو الماء في منتصف الطريق، لقد استغرقت وقتا طويلا لاستطيع الانتهاء من وضع السيارة في الموقف الصحيح بسببك.
وبينما الأمر كذلك وإذا بالعامل يفقد أعصابه ويرمي بقطعة القماش التي بيده والممتزجة بغبار الجو وأوساخ التنظيف، رماها بكل قوته في السطل، وصرخ بصوت عالٍ: حاضر، ثم شد السطل بقوة وذهب.

وإذا بصاحبنان يقف باهتاً حائراً خاضعاً من هول الموقف وقد تناثرت على ثوبه الأوساخ والماء، وما باليد حيلة، ذهب ليؤكد حضوره ويستأذن من مديره ويذهب لمنزله، عليه تغيير ملابسه ومن ثم إعادة ترميم نفسه ونفسيته التي تناثرت في كل الشارع.
يقول الخبير: إلا الفراش، لأنه ليس لديه ما يخسره، فلا تستهين بمن لا يراهن على شيء ليخسره، لأنك أنت الخاسر الأكبر من تحديه، هذا يحدث دائما، ولذلك عليك أن تحذر الفراش، إلا الفراش.

تعليقات