حكاية

لا تتعدى قصص النجاح كونها وصفا لحالة بدأت كتابتها عند النهاية وهذا يفقدنا كثيرا من التفاصيل التي تقود إلى النجاح، ليس دائما ولكن في معظم الأحيان، نصاب بخيبة أمل عند قراءة بعض قصص النجاح، ربما لأن الوصف لم يحاكي بعضا من آلامنا أو الصعوبات التي نواجهها في طريق النجاح.

ربما نحتاج في كثير من الأوقات إلى قراءة دراسات علمية أو بحثية تفصيلية تقودنا إلى تلك الخطوات الفاعلة في طريق تحقيق النجاح، وهذا ما نحتاج إليه فعلا، بدل العزف على أنغام قيثارة لا يمكن استخدامها إلا من قبل صانعها فقط.

لست مثبطا لكنني أبحث دوما عن قواعد وقوانين قابلة للتطبيق، أبحث عن تلك الحلول للمشكلات التي نعيشها وتلازمنا يوما بعد يوم، لنتجاوز مرحلة التصفيق الحر، إلى مرحلة العمل المتواصل نحو تحقيق ما نسعى إليه، وهذا ليس بالأمر اليسير، وأعترف بأنه صعب وصعب جدا، لكنه لا يصل إلى حالة المستحيل بأي حال.

أدعو دوما للخروج من حالة الحكايات وقصص ألف ليلة وليلة التي تتكرر باختلاف الأحداث والشخصيات وتتشابه بالحكبة والدراما، لنصل بعد كل حكاية بنتيجة، أن صاحب الحكاية، كان بطلا، وفي نهاية المطاف ينتهي الفلم ويعود كل المشاهدين إلى دوامة الحياة، التي ربما تتأثرا إيجابيا ببعض أحداث الحكاية، لكنها لم تتأثر كليا ولا جذريا، ولا توجد مؤشرات تؤكد أننا نسير على طريق يؤدي إلى ذلك.

بمقارنة بسيطة وإن كانت غير عادلة، فإننا دوما نخرج بنتائج فائقة الروعة عند سماع قصص القران الكريم، ولا تشبيه أو تمثيل بين كلمات الرب، وكلمات العبد، إلا أننا نجد نتائج الإخفاق في كثير من تلك الحكايات التي نقرؤها ونسمعها عن الناجحون في الحياة تفتقد إلى المصداقية التي تقودنا نحو التغيير وهذا ما نجده في قصص القران الكريم حتى القصيرة منها.

الناحجون أبطال لا شك في ذلك، لكننا بحاجة إلى قدوات نستطيع أن نقتفي آثارها لننهض بذواتنا وأسرنا ومجتمعاتنا نحو القمة، وهذا ما يدفعنا دوما للتعلم، والبحث عن القواعد والقوانين التي تفيدنا وتحفزنا وتدفعنا إلى النجاح، بعيدا عن التمجيد والتأكيد على نجاح الناجحون، فنحن أيضا قادرون على صناعة فروق في واقع حياتنا وحياة من حولنا ومن بعدنا، وهذا بيت القصيد.

إن كانت صياغة الحكاية لم تتطور لتفيدنا في هذا السياق، فعلينا أن نتطور في طريقة تلقي الحكاية وتقبلها والاستفادة منها، وعلينا كذلك أن نتطور في تغيير مصادر التحفيز والتطوير والتغيير في حياتنا، لنذهب بعيدا عن الحكايات الغير فاعلة، إلى تلك العلوم المؤصلة في التربية والاقتصاد والصناعة والتجارة والعقيد والفكر، ونصل في نهاية المطاف إلى غايتنا من التعلم.

مؤسف جدا أن نجد غالبية خريجوا الجامعات العربية من كلية التجارة والاقتصاد غير قادرين على تأسيس مشاريع تؤثر في اقتصاديات حياتهم، لكنه مبهج جدا أن نستثمر هذه التقنية المعاصرة في البحث عن أفضل ما يمكننا من التعلم والتطوير والوقوف على أفضل ما يساهم في تحقيق النجاح لنا ولمن حولنا.

تنتهي الحكايات وتبقى حكايتنا مستمرة لنغدوا لاحقا إما حكاية مؤثرة أو حكاية هامشية فلا تكترث كثيرا إلى صياغة حكايتك، ولكن اهتم جيدا في التعلم والعمل لتصل وسيكون هنالك ألف راوي وراوي للحكاية التي تستحق أن تروى، وستبقى خالدة تلك الحكايات التي أثمرت لأصحابها ثمار الخير وأغدقت على من حولهم ومن خلفهم، وستزول كل الحكايات الزائفة لا محالة، فاستثمر حياتك لتكون حكايتك حكاية تروى.

أشرف بن محمد غريب
9 مايو، 2014

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحاسة الثامنة

من كسر بيضة الديك؟

سر نجاح اكبر 100 شركة سعودية