كيف تعمل حتى تنجح في حياتك؟

      لا أزال أتذكر تلك الكلمات المتكررة التي كانت تتردد على مسامعي منذ صغري، "أدرس وإجتهد لتكمل دراسة الجامعة وتتخرج وتعمل في وظيفة محترمة توفر لك دخل ممتاز يمكنك من العيش مرتاح"، شكلت هذه الكلمات مع الوقت رؤية واضحة، تدفعنا للعمل على تحقيقها، دون التأكد من صحتها.

بعد سنوات من الدراسة والعمل والاجتهاد بلغ مجموعها 17 عاماً وأكثر تخرجت كما خطط لي وتوظفت والحمد لله في وظيفة محترمة توفر لي دخل ممتاز، لكنني لست مرتاحاً، ربما تختلف قياسات الراحة من شخص لآخر، ومن وقت لآخر، ومن مكان تعيش فيه لآخر، لكن الشعور بالراحة، وتحقيق النجاح بواقع ما نأمل هو قياس فردي، ويمكن الإعتماد عليه، في حالة الشخص الواحد.

     كلما نظرت إلى العالم من حولنا أتعجب كل العجب، فكثير من الدول الصغيرة أصبحت رائدة في مجالات متعددة مثل الزراعة أو الصناعة أو الأزياء أو اللعب أو السياحة أو أشياء أخرى كثيرة، ونحن أبناء الوطن العربي لا نزال نناقش خمس مشاكل متكررة مع إختلاف اسقاطاتها وهي:

  • السياسة
  • الغلاء المعيشي
  • الصحة
  • التعليم
  • المشكلات الإجتماعية

مع العلم أن هنالك مشكلتين أسقطتها من قائمة المشكلات العربية وهي:

  • الواسطة
  • الرشوة

لأنني أكتشفت أنها من المشكلات العالمية، أو ربما أبحث عن شيء يواسيني في تداول هاتين المشكلتين، لأنها تشكل محور أساسي في ظاهرة الفساد، عالمياً، ولعل تكرار العالمية وربطها بمشكلات الفساد، يشكل حصانة دبلوماسية، لمن يسعى للبوح بأحاديث تثير جدلاً.

       إننا حتى اليوم لانعرف طريقة العمل التي تحقق النجاح، ولانزال نتعلم أساسيات قد انتهى العالم من تعلمها وأصبحت تاريخاً بالنسبة له، ولذلك افكر باستمرار وراء الأسباب التي أدت إلى هذا الإنهيار العربي وذلك التقدم العالمي، مع الملاحظة بأننا اليوم نقول التقدم العالمي وبالأمس القريب كنا نتكلم عن التقدم الأمريكي والأوروبي فقط.

       لماذا لا تزال الدول العربية لا تعرف طريقة العمل التي تحقق النجاح؟ إن أي شخص من أبناء الأمة العربية إذا طرح عليه هذا السؤال سيقول السبب معروف والمشكلة بسيطة ويبدأ في التنظير وطرح الحلول، وأرى أن جميع الإجابات خاطئة لأنها نابعة من ذات النبع الذي أنتج هذا المجتمع الذي لايزال غارقا في مشكلات عدم معرفة الحل.

      علينا أن نبدأ التفكير في حلول تغير الواقع وليس تسطير كلمات على الورق تؤدي إلى إنتاج فريقين، فريق متفائل جداً يقول: "الحياة حلوة" وفريق متشائم جدا يقول: "مافيش فايده"، نريد فريقا ثالثاً يعمل ويحاول ويفكر ويقول: "أنا أعمل لتغيير الواقع وسأخبركم بالحل عندما يثبت صحته من خلال تغيير الواقع، سأقول الحل عندما يتغير الواقع وليس قبل ذلك".

     لقد استفدنا من نتائج مدارس الإدارة التي لخصت عشرة أسباب تقف خلف النجاح وهي:

  • الهدف
  • المبادرة
  • العمل
  • التركيز
  • التعاون
  • الالتزام
  •  التخطيط
  • المتابعة
  • الاستعداد
  • الاصرار

 وحتى الآن لم يتغير الوضع إلى ما نسموا إليه، فهل السبب في عدم تطبيقنا للحل؟ أو عدم ملائمة الحل للتطبيق؟

طرح المشكلات دون البحث عن حلول، لا يعد إضافة إلى ساحة الطرح الكبيرة، التي تثير الجدل، دون وضع حد لتلك المشكلات، أو إيجاد حلولاً لها، لكننا بحاجة ماسة لإدراك المشكلات قبل البدء في حلها، وهذا ما أسعى إليه، نحن حتى الآن لانزال نجهل المشكلة، أو بمعنى أدق، لانزال في حالة عدم الإدراك، النابعة من الرضا بالواقع، رغم كل تشكلاته وتعقيداته.

نعم نحن نعيش بواقع رائع مقارنة بتلك المجتمعات الأكثر تخلفاً، ونعتبر دولاً متقدمة بالنسبة للعديد من الدول الأخرى، لكننا لا نزال في تصنيفات الدول المتخلفة، أو ما يقال عنها من باب تلطيف المعنى، وتزييف الحقائق لقبول الواقع، الدول النامية، وهذا ما يجعلنا أكثر حاجة من غيرنا للبحث عن حلول لتلك المشكلة، وهي مشكلة أننا لا نزال في ذيل القائمة.

هنالك حلول ذهبية، يطرحها رجال أقوياء، وشخصيات غيرت التاريخ، لكن تلك الشخصيات لم تكن بأي حال قادرة على التغيير مالم، تجد العديد من المحركات، التي تعينها في عملية التغيير، فالقائد الذي لا يجد أتباعاً، لن يكون قادراً على إحداث التغيير بأي حال، والرعية وإن كانت بحاجة إلى راع، فهي أيضاً مسؤولة عن إنجاح حالة ظهور ذلك الراعي، أو رؤية الراعي الموجود حقاً بين ظهرانيها، ليلعب دور المخلص، وتنطلق العجلة متجهة نحو الأمام، في تكوين التغيير الذي نسموا إليه.

أشرف بن محمد غريب
الرياض 29 مايو 2006

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحاسة الثامنة

من كسر بيضة الديك؟

سر نجاح اكبر 100 شركة سعودية