تحول من إنسان إلى مصنع وحقق النجاح

من الألف إلى الياء مروراً بجميع حروف الهجاء، فكرة في تحديد الأهداف والإنطلاق نحو تحقيقها بطريقة عملية، تساعدنا في الحفاظ على حماس البداية وشغف الأمل وتحقيق الغاية، من تجربة عملية. كيف ننطلق؟ ونعمل بخطة؟ ونصل للهدف؟ لماذا نفكر في كثير من الأحيان، بعمل أشياء كثيرة ربما نتحمس لبعضها ونبادر بالبداية بإنجاز شيء منها، ثم سرعان ما نتباطئ ونتوقف ليعود هذا الأمر إلى الكثير من مثيلاته السابقة؟ لماذا نرغب في تحقيق الكثير من الطموحات، التي تفوق كل ما أنجزناه في حياتنا، وبالتأكيد تلك الطموحات أقل بكثير من قدراتنا ومهاراتنا، ومع تلك الرغبة، إلا أنه في كثير من الأوقات لا يتحقق شيء على أرض الواقع؟ لماذا نبدأ بحماس خطة العمل على قراءة مجموعة من الكتب، ونبدأ فعلياً بشراء عدد من الكتب، ونتجاوز الأمر بقراءة فصول من الكتاب الأول، ولكننا سرعان ما نتوقف عن القراءة، ويقل الحماس مع الوقت نجد أننا توقفنا تماما عن القراءة؟ لماذا نتحمس أحيانا للقيام بمشروع تجاري أو مشروع علمي أو مشروع خيري أو مشروع فكري، وننطلق بطريقة تدل على تشبعنا بتلك الفكرة، ورغبة جامحة لتحقيقها، ونتخيل أن هذا الهدف هو الذي لا يمكن أن نتوقف عن تحقيقه، إلا أننا نتوقف؟ كم مرة قررنا أن نبدأ في حفظ القران الكريم على سبيل المثال، أو حفظ أبيات من الشعر مثلا، أو حفظ أحاديث نبوية، أو/و أشياء كثيرة ربما لا تنتهي إن بدأنا حصرها، لكنها كلها تتوقف ولم تكتمل بعد؟ كم مرة قررنا تعلم مهارة بعينها في أي مجال من مجالات حياتنا على صعيد التطوير الذاتي في أدوار الحياة الشخصية أو العملية أو الاجتماعية ثم سرعان ما بدأنا البحث عن خطة العمل الكاملة للبدء في تعلم تلك المهارة، وربما سجلنا في معهد تدريبي، أو إشتراك أو شراء مواد لتعلم تلك المهارة، وبدأنا بالفعل ثم توقفنا بعد فترة؟ كم مرة بدأنا فعليا العمل على أمر هام في حياتنا ولكننا توقفنا بعد فترة، كم وكم مرة بدأنا وتوقفنا؟ كم وكم مرة ومراراً وتكراراً يتكرر معنا ذلك الأمر ليصل إلى أننا قررنا بدء برنامج صحي أو رياضي أو غذائي أو غيره ثم توقفنا؟ ممل أن نعدد كل تلك المحاولات الفاشلة في حياتنا، والأكثر مللاً أن نسردها بالتتابع، لتقول: فهمنا، ولكن كيف يمكننا أن نتجاوز هذه المشكلة؟ وأغلب الظن أننا لم نفهم المشكلة بعد، فكل تلك الشواهد على تكرار حدوث المشكلة يؤكد عدم فهمنا للمشكلة. حاول أن تسمي المشكلة، كل ما سبق ذكره في هذا المقال هو توصيف لمشكلة يقع فيها الكثيرمن الناس، والسؤال الأول هنا، ما اسم هذه المشكلة؟ بالإمكان اقتراح مجموعة كبيرة من الأسماء لهذه المشكلة، مثل: - عدم الإصرار - عدم الاستمرار - التردد في الحياة - عدم التركيز - الرؤية والرسالة وأهداف الحياة - إدارة الأولويات - إدارة الوقت - ترتيب الذات - كيف تبدأ؟ -لماذا نبدأ ثم سرعان ما نفقد الحماس؟ هنالك عناوين كثيرة وأسماء أكثر للتعبير عن هذه الحالة، والتي يمر بها الكثير من الناس، ولكن من الصعب الاتفاق على تسمية واحدة شاملة لهذه المشكلة، وهنا تبدأ الرحلة في البحث عن الحل لهذه المشكلة، وهو أن نحاول توصيفها بطريقة تمكننا من معرفة المشكلة بعينها، ومن ثم البحث عن طرق الحل. الناس بفطرتهم يسعون للنجاح، ويحبون الإنجاز وإحراز التقدم، وتحقيق الأهداف في الحياة، والناس بطبيعتهم يتملكهم الشغف نحو الإبداع والابتكار والاختراع، فالجميع يحب التميز والتفرد والسبق، والناس تسعى بمختلف طبائعها وثقافاتها ومستوياتها الاقتصادية والعلمية والمهنية، إلى تحقيق الأفضل بكل المقاييس. نستطيع تحديد المشكلة بسؤالين وهما: - لماذا نبدأ ولا نستمر؟ وسرعان ما نفقد الحماس. - كيف نستطيع البدء والاستمرار حتى الوصول إلى الهدف؟ ومن التفكير في السؤالين السابقين يمكننا تلخيص المشكلة بالعنوان التالي: * كيف ننطلق؟ ونعمل بخطة؟ ونصل للهدف؟ لن نهتم كثيراً بدراسة أسباب الإنطلاق بحماس ثم التوقف عن المواصلة لتحقيق الهدف، إذا عرفنا كيف ننطلق بحماس؟ ونعمل بخطة فعالة؟ ونصل للهدف بنجاح؟، والبداية ليست في شراء الكتاب الذي نرغب بقراءته ولا بالبدء في حفظ أول آيات للمضي قدماً في حفظ القران الكريم، ولا حتى في الامتناع عن الطعام للبدء في برنامج حمية، وإنما البداية في إدراك أهمية إدارة الذات، والتعامل مع ذاتك على أنها مصنع للإنجاز، وهذا المصنع بحاجة للمواد الخام، وخطط التشغيل، وموارد وموظفين للعمل، وتنظيم لإدارة الوقت، وتحفيز وأيضاً بحاجة، لراقبة ومتابعة وصيانة. تخيل أن تمتلك مصنع، لصناعة الشموع، وهذا المصنع يقع على مساحة 200 متر مربع، هذا المصنع، له ثلاثة بوابات، كل واحدة بعرض مترين، واحدة منها لاستلام المواد الخام، وأخرى لتسليم المنتجات النهائية، والثالثة لدخول وخروج العاملين في المصنع، هذا المصنع يستلم شهرياً مواداً خام بكلفة 10000 دولار، وينتج منتجات (شموع) بقيمة 30000 دولار، ويعمل فيه خمسة موظفين ما بين مدير ومسوقين وعاملين انتاج وموظف خدمات، ويحقق المصنع أرباحاً إجمالية 20000 دولار، تحقق رواتباً متوسطة للعاملين به، وتسدد إيجاراته، ولا يحقق أرباح، وهذا لا يعد مشكلة لأن صاحب المصنع هم الخمسة موظفين أنفسهم. اذا افترضت أنك أنت شخصياً هذا المصنع، يمكنك التفكير كيف تبدأ؟ وما خطة العمل للاستمرار في الانتاج؟ وكيف تصل إلى تحقيق الهدف؟ بالذات إن عرفت أن الخمسة موظفين هم بالأساس تصور يعبر عن خمسة مهام تقوم بها أنت فقط، وبالتالي يحقق لك هذا المصنع 15000 دولار شهرياً، وهذه الحالة مثال يمكن أن ينعكس على العديد من المهارات في سوق العمل، ويمكن لأي شخص تبني هذه الطريق للعمل بمهارة تمكنه من تحقيق دخلاً يفوق راتبه مرتين، ولكن الحديث هنا ليس لتفتح مصنع وإنما لتتعامل مع ذاتك على أنك مصنع، وهذا المصنع يبدأ من نقطة بداية ومواد خام وتكلفة مواد ويعمل على تحقيق أهداف وفق خطة عمل وتوزيع مهام، وينتهي بانتاج منتجات لها قيمة وتحقق له ربحا. أو مشكلة تواجه الجميع عندما يضع له هدفاً ويسعى إلى تحقيقه أنه يتشتت بين الهدف الذي وضعه وبين أهداف جديدة تضاف إلى القائمة، أو أهداف قديمة لم تنتهي، ولم يتخذ قرار حاسم في عدم المواصلة في تحقيقها، وهذه المشكلة تسمى مشكلة التشتت وحلها بالتركيز، لكن كلمتي تشتت وتركيز، بسيطة لوصف المشكلة والحل، كلنها غير كافية لتغيير واقع التشتت الذي غالباً ما يبدد الحماس لدينا عندما نبدأ في العمل على فكرة أو هدف، ثم نتوقف بعد ذلك. كيف نتغلب على التشبب، ونركز أكثر ما يمكن على الهدف، الذي نسعى إلى تحقيقه؟ عندما تبدأ في أي هدف تسعى إلى تحقيقه، أمسك ورقة واكتب عليها الهدف، ثم ضع خطة لتحقيق الهدف، وبعد ذلك يتحقق الهدف، الأمر بهذه البساطة إذا قمنا ببعض التعديلات. كيف ننطلق؟ عند كتابة الهدف، نحن بحاجة للتأكد بأن هذا الهدف يشعل حماسنا من الداخل، وأننا نتمنى حقيقة أن نحققه، وأن هذا الهدف سيجعلنا نعمل ونحن سعداء لتحقيقه، وأن هذا الهدف مصاغ بطريقة صحيحة، ووفق معايير دقيقة، ويمتاز بقدر كاف من الوضوح، وقد طبقت عليه معايير الأهداف الذكية، باستخدام طريقة جامعة هارفرد لإدارة الأعمال في صياغة الأهداف بطريقة صحيحة تضمن تحققها، تعلم وضع الأهداف بكفاءة وفعالية. كيف نعمل بخطة؟ التخطيط هو عملية إدارية تحدد طريقة تحويل الهدف إلى نتيجة، وهو عبارة عن معرفة كيف سنحقق الهدف؟ ويمكننا ببساطة التخطيط لأي هدف من خلال كتابة خطوات، نصل من العمل وفقها إلى تحقيق الهدف، فعندما نبدأ في كتابة الهدف، نبدأ بكتابة عدد من الخطوات لتحقيقه، ولا تبالغ في محاولات صياغة الخطة الأفضل، لأن عملية التخطيط تنتهي من تحقيق الهدف، وهذا يعني أن عملية التخطيط تبدأ بعد وضع وتحديد الهدف، وتتم عمليات التعديل عليها طوال فترة العمل على تحقيق الهدف، حتى يتحقق الهدف. كيف نصل؟ كيف نواصل ونستمر حتى يتحقق الهدف، فكثيرا من الأهداف كتبت، ووضعت لها خطط، وتم العمل على إنجازها، وكانت البدايات مشرقة، ولكن سرعان ما فقد الحماس، وضاع الشغف، وضعف الأمل، وتحولت تلك الأهداف وخططها والخطوات العملية التي بدأناها، إلى قصة قديمة، أو حالة فشل، هنالك ثلاثة مبادئ تمكنك من الوصول إلى الهدف، وهي: - التركيز - المتابعة - التعديل وهذه المبادئ تبدأ من بداية تحديد الهدف، إلى وضع الخطة، ومن ثم العمل على تحقيقها، وصولا إلى تحقيق الهدف. التركيز التركيز على هدف واحد في الوقت الواحد، أو على الأقل لا تبدأ في تحقيق هدفين في وقت واحد، بعض الأوقات نحن نفشل ليس بسبب قوة أهدافنا ولا بسبب ضعف إمكانياتنا وإنما بسبب عدم التركيز على أهدافنا،لماذا في كثير من الأوقات نتقن وضع الأهداف ولكننا نفشل في تحقيقها، رغم إمكانياتنا الفائقة لتحقيقها، إلا أنها لا تتحقق، هنالك خمسة أسباب لذلك: - أن الهدف لا يحركنا من الداخل ولا نشعر بالشغف لتحقيقه - أن الهدف غير محدد بطريقة واضحة أو ليس مصاغ بطريقة جيدة - فقدان التركيز على الهدف والتشتت بأهداف كثيرة أخرى - عدم المتابعة - عدم التعديل المتابعة أما المتابعة، فهي عمليات توثيق الخطة ومهام العمل وما تم إنجازه وما تعثر، توثيق التجارب الناجحة في التجربة والتجارب الفاشلة فيها، ومراجعة كل تلك المعلومات بشكل يومي أو أسبوعي، ومتابعة تقدم سير العمل، المتابعة سر من أسرار النجاح، لأنها تشعل الحماس من جديد، وتحدد مواطن الضعف لتقويتها، ومواطن القوة لاستثمارها، إذا امتلكت هدفاً وخطة، ولم تحدد وقتاً لمراجعة الهدف، ومتابعة العمل وتدوين ما تم ولا سيتم وما لم يتم، فغالباً لن تتمكن من تحقيق هدفك. التعديل هي عملية التطوير والتغيير، من خلال التركيز على الهدف والعمل وفق خطة للإنجاز، ومتابعة سير العمل، وتوثيق الإنجازات والاخفاقات، وتحديد الايجابيات والسلبيات، تظهر لديك نقاط تحول، وخطوات تغيير، فربما تغير جزئيات في الهدف، وتعدل على أجزاء من الخطة، وقد يتطلب الأمر تعديلات سطحية أو جوهرية، والأمر كله معلق بالنجاح، وتحقيق الهدف. ثلاثية النجاح، وإنجاز العمل لتحقيق الأهداف، تتلخص في ثلاثة أسئلة: - كيف ننطلق؟ - كيف نعمل بخطة؟ - كيف نصل للهدف؟ مع ثلاثة عمليات هامة من البداية إلى النهاية وهي: - التركيز - المراجعة - التطوير هذه الثلاثية كفيلة للإجابة على جميع الأسئلة التي تدور في محور لماذا نبدأ ولا نستمر، وسرعان ما نفقد الحماس؟. أشرف بن محمد غريب تورنتو 22 نوفمبر 2016

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحاسة الثامنة

من كسر بيضة الديك؟

سر نجاح اكبر 100 شركة سعودية